تعاقُب الأجيال كتوارد الخواطر، نصفان يكمل كل منهما الآخر، حلم طالما راود خريجينا، هو بالفعل كذلك، بهاء ما بعده بهاء، ذلك الذي عشناه مع الجامعة الأهلية ليلة أمس خلال احتفالاتنا بتخريج الفوج التاسع عشر من طلبة وطالبات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه.
لو قلنا ليلة لا تُنسى لكان الأمل المختلط مع الألم هو عنوان المرحلة، ولو اعتبرناه كلمة مأثورة لمرحلة جديدة من الأعمال حتى يكون شعارنا: لابد أن نكون بحجم الحياة، لكان ذلك أكثر واقعية مما شعرنا به أمس ونحن نحيي طلابنا ونشد على أيديهم، موزعين على ٣١٠ طلاب وطالبات منهم شهادات التخرج، وموزعين علينا بدورهم آلاف الابتسامات التي ملأت أركان القاعة الكبري للاحتفالات بفندق الخليج، هو بحد ذاته فخر لنا وعزة، إيمان كامل الأوصاف بقدرات أجيالنا الطالعة، ثبات في الموقف وتحديد دقيق للهدف.
ها نحن اليوم أمام الإنجاز وأي إنجاز، وها نحن منذ ما يقرب من ربع قرن هو عمرنا في محراب التعليم الأكاديمي الخاص، نحاول أن نضع أنفسنا في قلب المعترك التكنولوجي الرهيب، ندرس، ونستقبل، ونواجه، ونجتهد، ونقبل التحدي، وها نحن أمام المستقبل العريض أبطالا في تحمل المسئولية، وأنجالا لمن سبقونا على درب الوصول فكان لهم ذلك.
ليلة السابع من ديسمبر التي عشنا فيها أهم لحظات العمر كونها تزامنت مع احتفالات البلاد بالعيد الوطني المجيد وعيد الجلوس السعيد لحضرة صاحب الجلالة مليكنا المعظم حفظه الله ورعاه، هو ما يمنحنا قوة دفع إضافية، ويحملنا أكثر من رسالة وفاء وعرفان:
أولا: أننا كمنظومة أكاديمية نعاهد الله، ونعاهد قادتنا بأن نكون دائما أوفياء في نقل آخر ما توصلت إليه المعارف في العلوم الحديثة حتى نستطيع تقديم أرقى الخدمات التعليمية التي تجعل وطننا الغالي أكثر ازدهارا واستقرار ورفعة على مر الزمان.
ثانيا: أننا نعاهد الله ونعاهدكم أن نواصل مسيرتنا ونبذل الغالي والنفيس في سبيل أن يكون خريجونا هم الخيار المفضل لدى أصحاب الأعمال، وهو ما نجحنا في تحقيقه حتى الآن والحمد لله.
ثالثا: أن يكون لدينا دائما كوكبة من العلماء وخيرة الأساتذة والأكاديميين والطُقم الإدارية الاحترافية المخلصة القادرة على ترجمة أهداف الدولة في تحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز التنافسية، وتأهيل الكوادر الوطنية الكفيلة بالحفاظ على أمن واستقرار البلاد، والارتقاء بالإنتاجية وتوطين التكنولوجيا لا استهلاكها فقط، ما يضعنا في الأمم المتقدمة بعون الله تعالى.
أخيرا: أن يكون البحث العلمي لدينا منضبطا وموجها نحو خدمة قضايا الوطن والمواطن، وأن يساهم في علاج المشكلات التي تواجه المجتمع من أجل مضاعفة النمو الاقتصادي، وتطوير عمل المؤسسات والشركات والمصانع والإدارة العامة لأن الجامعات العالمية المرموقة ليست بأفضل منا على أية حال.
إن الحفل السنوي الذي احتفينا فيه بتخريج هذه الكوكبة من أبنائنا الطلبة والطالبات ما هو إلا مظهر من مظاهر الإعلان عن جيل جديد قدير قد تم إعداده جيدا ليكون قادرا على المساهمة في عملية البناء والعمران، والتنوير وبناء الصروح الحضارية العملاقة، وكل عام وبلادنا الحبيبة وخريجينا بألف خير.