العدد 5892
الأحد 01 ديسمبر 2024
أبو محمد.. الرحيل الكبير
الأحد 01 ديسمبر 2024

انتقل إلى رحمة الله تعالى قبل أيام الأخ العزيز والصديق الوفي رجل الأعمال البارز والوجيه الأمثل المغفور له بإذن الله تعالى فاروق يوسف خليل المؤيد، تغمده الله بواسع رحمته وغفرانه وأسكنه فسيح جناته، إنا لله وإنا إليه راجعون.
لم تعد لديَّ كلمات أنعاه بها، فقد انتهى الكلام، ولم يعد لديَّ نفس إضافي وإلا لكنت أهديته إليه حتى لا يفارقنا ويتركنا هكذا في هذا الوجود المهيمن، وفي تلك الليالي الطويلة، ندعو له بالرحمة والمغفرة ونتمنى لأنفسنا أن نلقاه في جنات النعيم بإذن الله.
لقد رحل فاروق المؤيد، أحد رفقاء الدرب، منذ أكثر من نصف قرن، وهو يحمل في إحدى يديه رسالة تنوير خلاقة، ألا وهي مشواره الطويل الذي قطعه معنا خلال أكثر من ربع قرن، في سبيل تأسيس أول جامعة أهلية في مملكة البحرين، حيث تكللت جهوده وجهود زملائه المؤسسين بالنجاح بعد أن تم تأسيس الجامعة في العام 2001، واستمر يرعاها ويساهم في تعزيز مكانتها، آخذًا بيد الجميع ومضحيًا معنا بالغالي والنفيس في سبيل أن يصبح للتعليم العالي مكانته، وأن يكون لجامعته الأهلية، التي ترأس مجلس إدارتها، ذلك الزخم الذي حققه، وتلك الحالية التي أضافتها للمجتمع البحريني على مدى أكثر من 23 عاما.
لقد كان فاروق المؤيد، طيب الله نراه، شعلة نشاط وحركة، لدرجة أننا على مدى العمر وحتى مرضه الأخير، كنا نلتقي معًا مرة واحدة على الأقل في الأسبوع، كنا نتبادل أحلامنا وأفكارنا، أمانينا وأفراحنا وأتراحنا، وكنا دائمي البحث والتنقيب والتحري عن أفضل المناهج، وأغزر الدوريات، وأعمق الأطروحات حتى يكون لنا نصيب معتبر فيها، ويصبح خريجونا هم الخيار المفضل لدى أسواق العمل، سواء كانت هذه الأسواق في الداخل أو الخارج، وكنا في هذا الاجتماع الأسبوعي الدؤوب، نتطرق لقضايا الساعة وكل ساعة، وكان رحمه الله مستغرقًا بعمق في كيفية النهوض بالعملية التعليمية، قائلاً بالحرف الواحد: إن التعليم الجيد يعني طبيبا جيدا يعالجنا، ومهندسا ماهرا يبني بيوتنا، ومعلما قديرا يزيدنا قيمة وتوقيرا.
وكانت من بين مواقفه التي لن أنساها، محاولاته الحثيثة؛ من أجل أن يكون لدينا جودة على أعلى مستوى، وكفاءة مطرزة بالإمكانات والقدرات المتميزة، حتى تضاهي مناهجنا نظيرتها في أعرق الجامعات العالمية، ولكي يصبح العلم والتنوير لدينا هو محرك البحث العبقري عن الفرص المتاحة ولو من ثقب إبرة، وعن الابتكار والتميز ولو كان المسير شاقا، والرحلة محفوفة بالتضحية والإصرار.
والآن، وبعد أن رحل الصديق الوفي، ورجل الأعمال الناجح في جميع المجالات والأنشطة التي كان مؤثرا ولاعبا أساسيا فيها، الغالي العزيز فاروق المؤيد، وبعد أن ترك مكانه خاليا إلا من الذكريات، أعود لموعدنا الأسبوعي وقد أصبح موحشا، والقضايا التي كنا نثيرها ونبحث فيها وهي توارى إلى جواره الثرى، والأفكار الطموحة المحملة بالخطط والآمال والأحلام وهي ترافقنا إلى مخادعنا، نتذكرها ونُصِر معها على مواصلة المسيرة، نتحسسها برفق، ونجزم بأننا لن نتراجع ولو لخطوة واحدة إلى الوراء، فالطموح لا يدفن مع أصحابه، لكنه يعيش لتنهل منه الأجيال القادمة، ويترعرع وسط جموع المحبين لفاروق والمخلصين لرسالته الغالية؛ من أجل تعليم أرقى وخريجين أفضل، وأساتذة ومعلمين وأكاديميين على أعلى درجة من التميز والإنجاز.
رحمة الله عليك “أبو محمد”، فلولاك ما تحقق هذا الزخم، ودونك سوف نمضي وحدنا ندعو لك بالمغفرة وندعو لأنفسنا بدوام التوفيق، والله وحده المستعان.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .