العدد 5871
الأحد 10 نوفمبر 2024
banner
ترامب والرهان الكبير
الأحد 10 نوفمبر 2024

كان رهان ترامب كبيرا على الوضع الأميركي الداخلي، كان رهانه محسوبا على الاقتصاد، على الضرائب، على التضخم، على النمو ومستوى المعيشة ودعم الشركات العملاقة، وكان رهانه أكبر على البطالة، كيف يعالجها، كيف يبحث مع العمالة عن وظائف، ثم كيف يفلت قطار العمر من التحدي الأكبر بعامل الزمن؟ جدول الأعمال حيث الأربع سنوات التي هي مدة رئاسته قد تمر مرور الكرام، وحيث الوقت الذي هو كالسيف لابد من تحديد فترات زمنية لإنجاز ما يمكن إنجازه، أو إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
على مستوى الداخل الأميركي كانت حملة ترامب واضحة المعالم، وتعنى بالاقتصاد والنمو، بالوضع المعيشي والمستوى التشريحي لحالة الوطن، وكان الرجل مؤمنا أشد الإيمان بأن المواطن يجب أن يكون “رقم واحد” في معادلة كل شيء، وتقييس كل شيء، وأن المواطن الأميركي تحديدا هو الذي يمكن القياس عليه، ليس المهاجرون وليس “الأنصار”، ليس المدججون بالكتب المقدسة أو هؤلاء المحمولون على أسنة لقمة العيش، ليست أوكرانيا أو غزة أو لبنان أو إيران أو كوريا الشمالية، فجميعها ملفات أطلق عليها ترامب مرارا وتكرارا بأنها “للكبار فقط”، سوف تبحث في حينها، وسوف يتم التعاطي معها عبر أميركا القوية، وليست أميركا الضعيفة.
كان ترامب يتحدث عن المنافسة مع كامالا، وكله إيمان بأن أمريكا ليست فنزويلا، وأن الأمن القومي من حائط المكسيك العظيم، وأن المواطن الأميركي الذي هو الهم الأول والأخير في ملف الحياة اليومية الأميركية سوف تكون له الأولوية في كل شيء، الوظائف، الرواتب، الأسعار “التضخم”، الضرائب التي يراها مرتفعة كثيرا عن حدود إمكان المواطن العادي. من هنا كان تركيز الرجل على الاقتصاد، على النمو المتعادل مع أعباء المعيشة، وعلى حالة الوطن عندما تكون الأعباء أكبر من الإمكانات، والمسؤوليات أكبر من الاحتياجات.
هنا ظل ترامب يفكر ويفكر، وظلت أعباء المرحلة تتحدث عن نفسها، حتى جاء خطاب الرجل واضحا غير مموج بوعود، وغير متراخ لأبعد الحدود، وغير متوائم مع طبيعة تلك المرحلة التي يفصل فيها الإنسان خيطه الأبيض عن خيطه الأسود، وتلك الفترة التي لا يمكن مسك العصا من المنتصف بشأنها، فلا التصفيق الحاد كان يجدي، ولا الشعار الفضفاض يمكنه تخفيض الضرائب، لا الابتسامات المضحكة يمكنها أن تشفي الغليل، ولا علامات التعجب تغني عن حسم الأمور ووضعها في مكانها الصحيح.
فاز ترامب لأنه اهتم بالداخل الأميركي، بالاقتصاد الذي ليس بعده أو قبله مشروع وطني خلاق، بالوظائف وكبح جماح الأسعار حيث الدولار المستقر، والنفط المتوازن، ورجال الأعمال القادرون، وكل انتخابات وعالمنا الجديد بخير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .