مهما قلت، ومهما كتبت، فلن أعطي جسر الملك فهد حقه، فلولاه ما مرت البضائع والسلع والناس من وإلى مملكة البحرين من مختلف بلدان العالم. الشقيقة الكبرى السعودية التي هي قلب المنطقة وشريانها الحيوي، أصبحت على مرمى حجر من بلادنا، العالم كله أصبح مرتبطًا بريًا بنا، وأصبحنا بفضل جسر الخير وسيلة متنوعة الطرق والمحاور لربط آسيا بإفريقيا وأوروبا، وأصبحنا قاب قوسين أو أدنى من أمهات المحاصيل، وعائلات المنتجات الصناعية التي نحتاجها، وكنا نعاني الأمرين في الحصول عليها.
ها نحن اليوم نقرأ تصريحات الصحف وهي تتحدث عن صادراتنا التي تضاعفت عشرات المرات بالسنوات القليلة الماضية، وأن الطريق البري الذي هو جسر الخير وكل الخير، قد لعب دورًا كبيرًا في تنمية صادراتنا من الألمنيوم ومشتقاته والملابس الجاهزة ومنتجاتها المتنوعة، كما ساهم في تخفيض أسعار عشرات بل مئات السلع والمنتجات في أسواق مملكة البحرين؛ بسبب أن تكلفة النقل البري أقل بكثير من النقل الجوي، وأن الكميات التي يمكن نقلها عن طريق الشاحنات من السلع والبضائع تكون أكبر بكثير من مثيلتها بالطائرات.
كل هذه الفضائل، وكل هذه الخيرات تحققت لأن جسرًا عملاقًا يربط بيننا وبين السعودية الكبرى ومختلف بلدان الدنيا، ولأن هذا الجسر قد لعب أدوارًا أمنية وتجارية ولوجستية مهمة في أوقات الشدائد والأزمات، بل ونأى بنا بعيدًا عن العديد من الصعاب والمشكلات، وساعد شعوبنا على الالتقاء بسهولة ويسر وتعزيز أواصر ووشائج القربى بين شعوب المنطقة قاطبة.
وها نحن قبل أيام نرى جسر الخير وهو يتفوق مجددًا على كل الظنون ويخالف كل التوقعات، وينقل في ظرف ساعات أكثر من 40 ألف بحريني ذهابًا وعودة من دولة الكويت الشقيقة، لتمكين شعبنا من حضور مباراة نهائي خليجي ٢٦ مع فريق كرة القدم العماني الشقيق. لقد تم ذلك بسهولة ويسر أذهلا الدنيا، وأكدا مرة ثانية وثالثة وألفا، أن على هذا الجسر كفاءات وطنية لابد أن يُشار لها بالبنان، وأن يُقدَّم لها الشكر والعرفان، وأن يسمحوا لنا بالقول: لقد كنتم رجالاً وأبطالاً شأنكم في ذلك شأن أبطالنا الذين عادوا لنا بالكأس الخليجية الغالية، فتَحية لكم من الجانبين البحريني والسعودي، فقد كنتم على قدر المسؤولية، وكنا معكم على الرحب والسعة مقدرين ومهللين لإنجازكم الحضاري الكبير، فلا جسر عظيما من دون رجال عظماء، ولا إنجازا أعظم إلا وكان وراءه قادة يوجهون، وشعوب مؤمنة بقيمة التوجيه، وكل بطولة ونحن المنتصرون.