كان العام 2024 الذي غادرنا قبل يومين فقط، ضمن قائمة الأعوام السيئة بالنسبة للعالم والعرب خصوصًا، مثل عام النكبة وعام النكسة وعام الطبعة وعام الفيروس القاتل، وشهد المزيد من المآسي والحروب والقتل والتدمير والتهجير والتطهير العرقي لتصبح نكبة غزة والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة من إسرائيل عنوانًا فاقعًا اصطبغ به هذا العام البائس غير المأسوف على رحيله.
لخّصت المديرة التنفيذية لمنظمة اليونيسيف السيدة كاثرين راسل، صورة من هذه النكبة: “بكل المقاييس كان عام 2024 أحد أسوأ الأعوام على الإطلاق بالنسبة للأطفال في مناطق الصراع في تاريخ المنظمة، خصوصًا في غزة.. ففي هذا العام أصبح عدد الأطفال الذين يعيشون في مناطق الصراع نحو 473 مليون طفل، أي أكثر من واحد من كل ستة أطفال بمختلف أنحاء العالم أصبحوا يعانون من وجوه عديدة من المآسي”. وبينما تعمقت الأزمات الاقتصادية وموجات الغلاء والتضخم، واللجوء والفرار، عادت معظم دول العالم إلى سباق التسلح، وسيطر اليمين المتطرف على الحياة السياسية في البلدان المصنفة ديمقراطية، والتي كانت تشكل ملاذات لضحايا النكبات والاستبداد والحروب التي تسبب فيها الغرب نفسه، فتعمقت الكراهية والعنصرية.
خلال العام الراحل دون رجعة حاصرتنا الأجنحة بأرقام تائهة، خريف العمر، بقايا حياة، لحظات مغادرة.. لقد صفق النسر بجناحيه منحدرًا إلى السفح.. “إن للجرح صيحة” توقفت الأرض عن دورانها اللاهث.. أدركنا متأخرين أن الأرض بنا تدور، وكل الطرق تفضي بنا نحو ساحل مهجور.
بحلول العام الجديد.. تبقى عيوننا شاخصة حيث الألم اليومي هناك، حيث ترفع الأصوات فوق رنين الأجراس، فوق أهلة القباب والبسمات المعفرة بالتراب، ودخان القذائف الذكية والغبية، تسافر فوق غربة السفن الراحلة كل صباح.
اليوم لا نرجو سوى أن يتبدد صراخنا ووجعنا في بوارق الأمل، في الكلمات والأمنيات في عام بدأ للتو عله يدفن أوجاع العام الذي سبقه. وها نحن نبحث مجددًا في أكوام الورق.. ومع ذلك سوف نرد التحية لمن يهنئنا بالعام الجديد: “كل عام وأنتم بخير”!.