العدد 5910
الخميس 19 ديسمبر 2024
الرؤية الجامعة في المشروع الإصلاحي (2)
الخميس 19 ديسمبر 2024

 تأكّد للمشروع الإصلاحي أنّه لا يمكن تحقيق توازنات المجتمع إلا عبر التمسّك بمجتمع حر وعادل ومنسجم، يجد فيه الجميع مكانًا، فكان مفهوم التّوازن وتكافؤ الفرص السّمة البارزة التي عبر عنها المشروع المجتمعي للتّغيير، على صعيد الأدبيات المستقرة، والتي شملت عدة وجوه منها على الأقل:
الوجه الأول التوازن بين أصالة المجتمع وتاريخه الحضاري من جانب، والحداثة وما تحمله من أبعاد تجديدية من جانب آخر، بما يضمن التواصل بين الماضي والحاضر من دون قطيعة أو اغتراب أو التنكر لما في التاريخ من محطات وقيم مضيئة.
الوجه الثاني هو التّوازن في أبعاد الإصلاح المختلفة والمتكاملة، أي التّلازم بين الإصلاحات السياسية الرّامية إلى إرساء نظام تعدّدي يضمن الحريّات ويصون حقوق الإنسان وسيادة القانون والفصل بين السلطات. والتوازن تشريعيًّا بين المجلس التشريعي المنتخب والمجلس الاستشاري المعين، مع جعل التجربة الديمقراطية مفتوحة على التطوير المستمر، وبحاجة دائمة إلى وعي ومسؤولية وطنية ووفاق وطني.
الوجه الثالث: التوازن بين الإصلاحات الاقتصادية ببناء اقتصاد حر وتنافسي متفتّح على العالم مستعد لمواجهة تحدّيات العولمة واستغلال ما تتيحه من إمكانات لخدمة الإنسان، وبين الإصلاحات الاجتماعية المبنية على تأمين الحقوق الأساسية التي تجسّم جانبًا مهمًّا من العدالة الاجتماعية وتشيع روح التّضامن والاستقرار، فكان من نتائج هذا التوازن تحسّن ملموس في عدد من المؤشّرات التي ترتبط بالتنمية. 

الوجه الرابع يتمثل في تساوي الحظوظ بين المرأة والرّجل عبر تكريس المساواة أمام القانون وفي شغل الوظائف العامة، واكتساب المرأة حقوقها السياسية كاملة عبر الإرادة السياسية الحاسمة، فحقّقت المرأة بذلك نقلة نوعية في منزلتها بما ساعد على جعلها شريكًا في موقع المواطنة الكاملة بما عزّز توازن الأسرة والمجتمع معًا.
وضمن هذه الرؤية رسم المشروع الإصلاحي ملامح المستقبل لتجديد الحياة السياسية والدفع بها نحو ديمقراطية قائمة على التعددية والشراكة والتنمية. وقد أثبتت هذه المعادلة، خصوصًا خلال السنوات الأولى من التجربة، قدرتها على تأمين مسيرة البناء في كنف الهدوء والثّبات لأنّها نزلت الإنسان مركز اهتمامها. وللحديث صلة.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .