العدد 5903
الخميس 12 ديسمبر 2024
banner
هامش إضافي حول التحول الديمقراطي (6)
الخميس 12 ديسمبر 2024

حسبت أنني أكملت دائرة موضوع معضلة التحول الديمقراطي العربي، والذي حاولت الإحاطة بأهم نقاطه في خمسة مقالات، لكن يبدو أن هذا الموضوع لا يزال مفتوحًا لمزيد من النقاش، فقد أرسل الصديق ملاحظة تستحق العودة إلى الملف مجددًا، مختصرها: “أدرك الأسباب التي جعلتك تتجنب تقييم تجربتنا الديمقراطية الوليدة (أو الخطوات التي تحققت في رحابها)، لكن كان من المهم التحول من العام إلى الخاص، بما يجعل التحليل أقرب إلى الواقع بعيدًا عن التعميم عربيًّا.. فتجربتنا الديمقراطية بحاجة إلى تقييم بعيدًا عن التموقع الآيديولوجي المعروف الذي يفتقر في الغالب إلى النظرة الموضوعية التي يمكن أن تساعدنا على المراجعة والتقييم والمضي قدمًا نحو أفق أفضل”.

قلت للصديق: “المسألة الديمقراطية في أغلب البلاد العربية معضلة متشابهة، مع تفاوت من بلد إلى آخر، ويمكن التوقف في هذا السياق عند نقطتين فقط من تجربتنا، إضافة إلى ما ذكرناه في السابق. أولًا: العمل الديمقراطي في مجتمع كمجتمعنا لا يزال في بداياته، لذلك يفترض أن ينهض على أساس برنامج وطني مشترك: مثل الثوابت الوطنية، والحرية والتعددية والشفافية وحقوق الإنسان واحترام القانون، ورفض العنف بكل أشكاله، ومشاركة المرأة في الحياة السياسية، والمحافظة على السلم الأهلي والتسامح والوحدة الوطنية... والتمسك بمكاسب الدولة العصرية، ومنظومة الحقوق المدنية المعززة بإنجازات ملموسة على الأرض، في مختلف المجالات (المواطنة المتساوية أمام القانون - الفصل بين السلطات - المساواة بين الجنسين، تعميم التعليم العصري، التسامح الديني والفكري..)، وقد تحقق العديد من ذلك خلال أكثر من 20 سنة من هذه التجربة.

ولكن لا يزال الكثير لتحقيقه ولا شك. بما يؤدي إلى تحصين الجبهة الداخلية، وضمان إجماع وطني حول رفض الفوضى والعنف والخروج عن القانون، وبناء حياة سياسية قويمة وقابلة للاستمرار والنمو.

الوجه الثاني: لا يجب أن يغيب عنا ونحن نتحدث عن حتمية الديمقراطية والحاجة إليها، أن شعار الديمقراطية لا يزال يستخدم في إطار الضغط والتوظيف الخارجيين استخدامًا مخصوصًا، لا علاقة له بمصالحنا، وقد وصل الأمر إلى تبرير غزو أو احتلال هذا البلد أو ذاك، بدعوى مقاومة “الدكتاتورية” أو “مساعدة الشعوب على التحرر” ووضع أسس نظام “ديمقراطي”، وهي ذات المصطلحات المستعملة عند غزو يوغسلافيا ثم أفغانستان، وعند احتلال العراق، وإسقاط ليبيا وتدمير كيانها، ومحاولة زعزعة استقرار دول عديدة وتفكيكها وإدخالها في مرحلة الفوضى ثم الانهيار كما في سوريا.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية