تسلّم مجلس النواب الأسبوع الماضي تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية لعام 2023، وهو التقرير “الثري” بما يحويه من كمٍّ كبير من المعلومات والملاحظات والمقترحات المهنية والفنية والتشريعية، والتي جاءت بعد تدقيق استقصائي موسّع واحترافي قام به الديوان لعدد من الجهات الحكومية، ليكون مساعدًا للنواب في حراكهم التشريعي والرقابي. لكننا مع الأسف، اعتدنا خلال السنوات الماضية، على تعاملٍ نيابيٍ رتيبٍ جدًّا مع التقرير، يبدأ بإحالة التقرير للجنة المالية، والتي تشرع بطلب حضور الجهات التي وردت بشأنها الملاحظات، تستمع لدفوعاتها والإجراءات التي ستتخذها، ترفع مقترحاتها للمجلس، وينتهي الأمر برفع تلك المقترحات في صيغة “توصيات” إلى الحكومة، يُضاف لها توصية ليست ذات جدوى، تطلب من النواب استخدام أدواتهم الرقابية.
الواقع، أن التقرير في الكثير من ملاحظاته وتوصياته، خصوصًا تلك المتعلقة برقابة الأداء والالتزام، والتي باتت تأخذ الحيّز الأكبر، بحاجة إلى رسم مسارٍ جديدٍ – بالتوافق مع السلطة التنفيذية - لمعالجة حزمة الملاحظات التي تتطلّب إجراءات عاجلة وسريعة. لقد دأبت السلطتان التشريعية والتنفيذية على الآليات المرنة لتمرير أو إقرار التشريعات المستعجلة، وذلك ضمن الأطر الدستورية التي تعطي مساحة واسعة للسلطتين للدفع بالتشريعات والمبادرات التي تقارب موضوعاتٍ طارئة لا تحتمل التأجيل. وهنا، أقترح على اللجنة المالية بالمجلس، تصنيف الملاحظات والتوصيات الواردة في التقرير الأخير، وفق محدّدات مختلفة، مثلًا: ملاحظات بحاجة لتعديلات تشريعية مستعجلة، ملاحظات بحاجة لدراسة وضع قوانين جديدة، ملاحظات بحاجة إلى تعديل قرارات إدارية، ملاحظات بحاجة للإحالة للنيابة العامة. “
وفيما يتعلق بتلك الملاحظات التي تتطلب تشريعات مستعجلة، هنا يأتي دور المسار الجديد الذي ينبغي أن تقوده هيئة مكتب النواب، من خلال إنشاء غرفة مشتركة مع السلطة التنفيذية – على غرار لجنة إعادة هيكلة الدعم -، لتتولّى تلك اللجنة صياغة المقترحات التشريعية العاجلة، وتطرحها على طاولة التداول والتوافق النيابي - الحكومي.
عدا ذلك، فإن الركون إلى التعاطي البيروقراطي مع مضمون التقرير، هو هدرٌ كبير لكنزٍ من المعلومات والملاحظات المهنية الرصينة، والتوصيات المستندة على دراسة ميدانية عميقة.
كاتب بحريني