سألت مذيعة قناة العربية الحدث، مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شنكر، “هل نجاح أبومحمد الجولاني في الاستيلاء على حلب وحماه وقريبا حمص يستاهل هدية باعتباره نجح في قطع طريق الإمداد من إيران إلى بيروت؟”. فكان رد فعله بعد سكوت وتفكير، الابتسامة والموافقة. معنى هذا الجواب وتلك الابتسامة أن واشنطن لا تنظر بعين الاستغراب والغضب، أو الانزعاج إلى التطور الذي تشهده سوريا اليوم عبر نجاح هيئة تحرير الشام في الاستيلاء على أهم المدن السورية، أي مدينة حلب ومحافظة إدلب ومدينة حماه والاقتراب من محاصرة مدينة حمص، وبالتالي قطع الطرق الدولية التي تصل بين دمشق ومحافظة اللاذقية مقر عائلة وجماعة الرئيس بشار الأسد في طرطوس والقرداحة.
من المناسب الانتباه إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان قد رفع أولوية وقف الإمدادات التي تصل إلى حزب الله عن طريق سوريا. هذه الأولوية تعمل عليها إسرائيل بالغارات الجوية على المعابر والمرافئ السورية التي تشتبه في أنها تنقل السلاح إلى الحزب. وكان نتنياهو قد حذر الأسد من أنه “يلعب بالنار” في حال تغاضى عن عملية إعادة بناء الحزب مقدراته العسكرية. تزامن ذلك مع رسالة تهديد أميركية - إسرائيلية تلقاها الأسد في الأسابيع الأخيرة عن طريق الأردن، وفيها دعوة إلى تحييد أصول الدولة السورية عن أية برامج للدعم العسكري لحزب الله والمستشارين الإيرانيين على أرض سوريا أو لبنان، وذلك تحت طائل استهداف أصول الدولة و”رموزها”، في تهديد مباشر للأسد وعائلته.
من الظاهر حسب التوقيت أن إشارة ما وتقاطعا ظاهرا في الأهداف حصل بين تركيا وأميركا وإسرائيل، ما سمح بالهجوم السريع والمباغت الذي شنته فصائل وقوات هيئة تحرير الشام على مواقع النظام السوري في أهم المدن والمواقع السورية.
القوات والطيران الإسرائيلي حرص خلال المعارك والمواجهة مع لبنان على إبقاء المعابر الحدودية مقطوعة، وكلما قامت السلطات اللبنانية بفتح المعابر وإصلاح الطرق الواصلة مع سوريا تولى الطيران الحربي الإسرائيلي قصفها وقطعها من جديد والهدف منع ووقف الإمداد العسكري الذي قد يأتي من إيران عبر سوريا إلى لبنان.
وقد كان واضحا أن انطلاقة القوات المناهضة لبشار الأسد إنما هدفها ضرب الحصار على النظام لقطع طريق الإمداد إلى لبنان ومحاصرة حزب الله ومنع إمداده بالأسلحة.
الهدف الذي أعلنته إسرائيل وأميركا هو قطع طريق الإمداد الإيراني لحزب الله إلى بيروت. فهل يقتصر هدف المعارك في سوريا على قطع طريق الإمداد، أم يتسع ليشمل أهدافا أخرى تطال تركيبة النظام الحالي؟.
كاتب وأستاذ جامعي من لبنان