العدد 5882
الخميس 21 نوفمبر 2024
مراجعات في معضلة التحول الديمقراطي العربي (1)
الخميس 21 نوفمبر 2024

 يرتبط الحديث عن حتمية التحول الديمقراطي العربي بالحرية والتعددية ومدنية الدولة والمواطنة المتساوية، بما يعني تشابك جميع هذه العناصر جدليًّا، واستحالة الانتقاء فيما بينها. لعلّ ذلك هو ما يفسر تعثر أغلب تجارب التحول الديمقراطي في معظم البلاد العربية وانتهاءها إلى مجرد شعارات لا صلة لها بالواقع على الصعيدين الرسمي والأهلي معًا.. الصعيد الرسمي، يفضي ثقل المسؤولية الناجمة عن صعوبة الاستجابة لكل مقتضيات التحول الديمقراطي، وما يترتّب عنه من تشريعات وإجراءات وتنازلات سياسية ضرورية إلى حالة من الارتباك والانتقائية بما بفضي في الغالب إلى التراجع عنها.
 صعيد المجتمع السياسي (من أحزاب وجمعيات سياسية)، معظم السلوك السياسي يتسم بالنزوع نحو الشعبوية وغلبة خطاب السخط، والاعتقاد بإمكانية تطبيق الديمقراطية دفعة واحدة، وربما التهديد بالانسحاب من العملية السياسية في بعض الأحيان، بما لا يسهم في تطوير الحياة السياسية أو يساعد على تسهيل التحول الديمقراطي من دون الاستعجال المربك، والتركيز على إعداد القيادات والبرامج والرؤى العقلانية القابلة للتنفيذ. إن أية مراجعة لمعضلات التحول الديمقراطي لابد أن تقارب بعض المشكلات ذات العلاقة بقدر من الصراحة والموضوعية، منها: أولًا: التخوف من الديمقراطية ومقتضياتها وما قد تفضي إليه من نتائج مربكة أو اضطرابات في مجتمعات هشّة اجتماعيًّا واقتصاديًّا، كما شهدتها عدد من البلدان العربية. ثانيًا: أغلب الجمعيات السياسية العربية باتت ترتكز آيديولوجيا على ذات المرجعية الدينية وتخلط بوعي بين المقدس الديني السياسي النسبي، وتتحصّن (سياسيًّا) بالقداسة. 


 ليس في مواجهة السلطات فحسب، بل في مواجهة المجتمع أيضًا، ما يجرد العمل السياسي من طابعه الإنساني النسبي القابل للنقد والمراجعة، لذلك لم تنجح معظم هذه الجمعيات - الأحزاب في بلورة برامج سياسيات مدنية مقنعة يمكن تنفيذها وتقييمها ومراجعتها.
ثالثًا: تحول العمل السياسي من السعي لتحقيق أهداف تخدم المجتمع وتعزّز التحول الديمقراطي إلى سلوك تحكمه مصالح التنظيمات السياسية، وتحول العمل السياسي من العمل للبناء الفكري إلى مجرد خطاب آيديولوجي. وللحديث صلة.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .