العدد 5879
الإثنين 18 نوفمبر 2024
البقاء كمجرد طرائد جريحة؟!
الإثنين 18 نوفمبر 2024

وردني من الصديق تعقيب على مقالة (الهمجية في طريق مفتوح) مختصره: “ذكرتني مقالتك بما حدث وما زال يحدث في سوريا الشقيقة خلال السنوات القليلة الماضية، وكيف أصبح مصير هذا البلد العربي عرضة للانتهاك وتحكم الأجنبي، فيما الخارج يشارك في صياغة مصيره ودستوره والتدخل في نظام حكمه. وقد كان لافتا ومدهشا عند تحليل هذه المحنة، حجم التورط العربي في مبتدأ الأزمة، وغيابه عن رسم مآلاتها. وتلك مأساة غير مسبوقة في تاريخنا الحديث والمعاصر.
إن سوريا الدولة قد ظُلمت (كما ظلم العراق الشقيق من قبلها). بسبب التآمر حتى في تشخيص الوضع على أنه صراع ثنائي داخلي (شعب - ونظام) على الديمقراطية (وهو ما قد يكون حضر فعلا في أذهان الشباب خلال الأيام الأولى للاحتجاجات مثلما هو الأمر في عدد آخر من البلاد العربية)، لكن توجيه الأحداث قد جُير لاحقا لضرب مقدرات البلد وتخريب بنيته السياسية والاجتماعية والأمنية والمساس بهويته العربية، لحساب الرابحين إقليميا ودوليا. لذلك فإن الإصداع بالحق، سيما وقد وقف أغلب العرب على خطأ تقديراتهم (بما في ذلك تقديرهم لتأثير ما أصاب سوريا ومن قبلها العراق، عليهم)، قد وجدوا فرصتهم المتأخرة، ولكن المواتية لإعلان كونهم (تورطوا) في المساس بالأمن القومي العربي، من حيث الحصيلة المنكرة للسنوات التي استغرقتها هذه الكارثة (ولا تزال) وهي خير دليل على أن العرب لا يزالون هواة في السياسة، شاركوا في اللعبة التي لم تكن تعني غير رهن الأمن القومي العربي للخارج. 


قلت للصديق: للأسف الشديد إن تاريخنا الحديث والمعاصر يبدو في خطه العام تاريخا من الحسرات والأخطاء المتكررة وسوء التقدير. فلتنظر اليوم إلى الأتراك والإيرانيين وغيرهم من القوى الإقليمية، كيف يعيدون إنتاج تاريخ السيطرة على الإقليم العربي على حسابنا جميعا، مثلما كانوا دائما، يأملون أن نكون على حدودهم مجرد طرائد ضعيفة، وفقا لجداول أحلامهم وثاراتهم الامبراطورية. أما ميليشيات وكتائب الإثنيات الانفصالية في البلاد العربية، فهي في الغالب مجرد مخالب لأعداء الأمة وأدوات في يد الأجنبي. ونسأل الله حسن العاقبة.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية