أستغرب من مجتمع البحرين أن ينزلق إلى تداول المواضيع السطحية وينشغل بها، ويعزف عن الاهتمام بالقضايا المهمة! كان الناس ينشغلون بسوالف النواب أو ملفات الشأن العام، أو الأوضاع السياسية في المنطقة، لكن الظاهر أن الناس سئموا التفكير في أمور لا يستطيعون تغييرها، فاتجهوا إلى تداول الأمور السطحية واختلاق المشاكل والمناوشات مع بعضهم البعض من أجل التغيير والتسالي.. تماماً كالأطفال عندما تتركهم دون برامج مفيدة أو توجيه أو خطة عمل، فإنهم يعبثون بأي شيء.
لذلك أعتقد أن مجتمع البحرين بحاجة إلى “رعاية مجتمعية وبحث”، إذ لا يمكن أن ينزلق هذا المجتمع المثقف والمتحضر إلى توافه الأمور ويختلف بشأنها ويتراشق إعلاميا ويتلاسن أمام العالم. هذا انحدار لم نعهده عبر وسائل التواصل المجتمعي في مجتمع البحرين. أعتقد أنه أصبحت لدينا مشكلة مع ثقافة التعامل مع وسائل التواصل المجتمعي “السوشال ميديا”، كما أعتقد أنّ البعض لا يُحسن استخدام هذه الأدوات الإعلامية، وقد طغت عليه “ثقافة تسطيح العقول”.
يقول الكاتب طه عبدالرحمن بشأن (ثقافة تسطيح العقول في المجتمعات): إنّ من أخطر ما يمكن أن يؤثر في العقول التسطيح ذاته. ولعل من أبرز العناصر المشكلة لهذا التسطيح تدهور الحالة الثقافية للشعوب.
وحينما تكون هناك مناعة ثقافية للدول، فإن شعوبها تصبح عصية على أي شكل من أشكال التسطيح، ما يعني أن الثقافة حائط الصد ضد أية أفكار هدامة، وضد أي شكل من أشكال الوسائط الإعلامية التي تعمل على غسيل عقول الشعوب.
إذ إنه من خلال الثقافة يمكن تحقيق النهضة وتنمية العقول، وبغياب الثقافة تتقارب الفجوة بينها وبين التخلف، ومن ثم تضيق الهوة بين البناء والهدم، الأمر الذي يعكس أهمية الثقافة بمفهومها الواسع والشامل.
كاتب ومحام بحريني