العدد 5870
السبت 09 نوفمبر 2024
banner
“جَوَاجِبُ” جنُّوسان وباربار!
السبت 09 نوفمبر 2024

في عام 1974م، أطلقت المنظمة الدولية ما يُسمى بـ “برنامج البحار الإقليمية” بُعيد انعقاد مؤتمرها البيئي في العاصمة السويدية “ستوكهولم” لإشراك ما يُقارب (134) بلداً حول العالم في صيغة خطط عمل قانونية وتشكيلة متجانسة من الاتفاقيات الإقليمية والبروتوكلات الدولية من أجل الشروع في تنفيذ إجراءاتها الشاملة التي تحافظ على المناطق الساحلية وأعماق البحار، وتواجه حالات الطوارئ المتعلقة بقضايا التلوث، وتحمي البيئة البحرية والمحميات الطبيعية من أنشطة التعدّي البريّة للحدّ من التدهور البحري بما يُشكل من تنّوع بيولوجي لا تقل نسبته عن (80 %)، وصولا إلى تعزيز برامج التنمية المستدامة وتشجيع الشراكات الأممية وفق أعلى المستويات.

أرخبيل البحرين الذي تربو جزره على (84) جزيرة، وتُشكل البيئة البحريّة فيه - وفق أحدث الحسابات الجغرافية - حوالي (90.5 %) من إجمالي مساحة البحرين، ويُقيم غالبية سكانها حول السواحل التي يزيد طولها على (510 كم)؛ قد استهدفت فيه الجهات المعنية في “المجلس الأعلى للبيئة” بمساعٍ حثيثةً حماية البيئة البريّة والبحريّة وحفظ التنوع الحيوي في مواردهما الطبيعية، والذي تتشارك بمعيته الموارد البشرية البحرينية الواعية من أجل ضمان استمرارية توازنه الطبيعي واستدامته عبر حزمة القوانين والتشريعات والمتابعة بأُطُرٍ الاتفاقيات والمعاهدات الموقعة في سبيل نشر الوعي العام وبناء القدرات الوطنية في المجالات ذات العلاقة وتعزيز مبادراتها المتوائمة مع النظم البيئية المتعارفة.

نافلة:

جزيرة البحرين وردت تسميتها بمزيج فريد يجمع بين ينابيع المياه الحلوة وسط أعماق البحار المالحة بما تميزّت به هذه الجزيرة الوادعة قديماً بتوافر ينابيع عيونها وقاع بحارها التي يُطلق عليها محلياً “الجَوَاجِب” حين تتدفق بمياهها العذبة وسط الشعاب البحرية بأعدادها التي تزيد على (30) عيناً وجَوْجَبَاً طبيعياً بمياه حارة شتاء وباردة صيفاً مع صفاء الرمال التي تروي البساتين لتبدو واحدة من عجائب الخالق المُبدع التي يُفوّرها من قاع البحار لتعتاد عليها سواعد الغواصين في ملء “قُرب” مائهم أثناء رحلات الغوص الطويلة، ناهيك عن ممارسة السباحة وإقامة الأعراس ومنافع العلاج عن مختلف الأمراض الجلدية. هذه “الجَوَاجِب” التي تظهر في حالة الثَبر (الجزر) بمائها الحلو على سواحل البحرين، قد شهد معظمها - في الآونة الأخيرة – جفافاً وتناقصاً في منسوب مياهها جرّاء عمليات الحفر الجائر تارة، وعمليات الطمر العشوائي تارة أخرى؛ ما يوجب على جهات الاختصاص التفاتة مسؤولة لإعادة إحياء مواقع تلك الينابيع وجعلها معالم سياحية (مصغرة)، ولاسيّما “الجَوَاجِب” الفوّارة في ساحِل جنّوسان وباربار شمال غرب مملكة البحرين.

كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .