العدد 5865
الإثنين 04 نوفمبر 2024
banner
أهمية دمج حقوق الإنسان في حياتنا
الإثنين 04 نوفمبر 2024

 الحديث عن ثقافة حقوق الإنسان وضرورة نشرها بين الأجيال الجديدة لتكون جزءًا لا يتجزأ من القيم الناظمة للعلاقات بين الأفراد والجماعات، يقود من الناحية المنهجية إلى ضرورة مواجهة عدد من النقاط للمناقشة، والتي منها:
أولًا: إن حقوق الإنسان في لغة الفكر الحقوقي والسياسي المعاصر تؤخذُ على المعنى القانوني الدولي، وفق النصوص والمعايير المشمولة بالمواثيق الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة، وبالأساس وفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948م، والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، بالإضافة لعدد كبير من الوثائق الخاصة بجانب محدد بهذه الحقوق.
ثانيًا: الاستخدام المطلق للمصطلح قد يفضي إلى نوع من المغالاة في نسبته للغرب لدرجة إسقاط المشترك في الخبرة الإنسانية الأشمل، من حيث الإسهام الفعلي لمختلف الثقافات في إثراء (المفهوم الثقافي التاريخي العام) لهذه الحقوق، بما يجعل المفهوم قابلًا للاندماج في نسيج كل ثقافة إنسانية، بصرف النظر عن موقعها في سلم التطور. فحقوق الإنسان وإن كانت ذات بعد كوني، فإنها تتسم بطابع نسبي، ولذلك لا يجوز تقديم نموذج حقوق الإنسان في حضارة معينة على أنه نموذجها الوحيد في العالم أجمع. 
ثالثًا: إن أسوأ ما يمكن أن يصيب ملف حقوق الإنسان هو أن يتخذ طابع المزايدة السياسية، أو الاستخدام الانتقائي والظرفي غير المبدئي وغير المؤصل في الثقافة وفي السلوك، ما يتطلب إعادة النظر فيه من منطلق تأصيلي وليس من مدخل ظرفي مؤقت. 
رابعًا: الحاجة إلى إدماج (حقوق الإنسان) في الثقافة الأسرية والاجتماعية والمدرسية والجامعية ودمجها في الدراسات الجامعية مثلما يحدث في الجامعات الأوروبية التي أدرجت موضوع حقوق الإنسان كمادة منفصلة، ضمن كليات القانون والعلوم السياسية، لإبراز ما تشتمل عليه شرعة حقوق الإنسان من فضائل وأهميتها للتطور الإنساني، كما يمكننا الاستفادة من خصائص الاجتهاد والانفتاح في الشريعة الإسلامية حول قيم المساواة، والإنصاف والمسؤولية الاجتماعية والتضامن، ما يسهل نشر ثقافة المساواة والإنصاف وتقاسم المسؤوليات بين الرجل والمرأة والاعتراف المتبادل بالمنافع المكتسبة، وتوازن العلاقات الاجتماعية، ومتطلبات العيش المشترك وترابط الحقوق والواجبات.. وإذا ما نجحنا، ولو بعد حين في دمج الثقافة الحقوقية ضمن حياتنا الأسرية والمدرسية والاجتماعية، فإن المجتمع سينتقل تدريجيًّا من حالة التسلط إلى مجتمع ديمقراطي ينعم فيه الإنسان بكل الحقوق، والقيام بجميع الواجبات تجاه المجتمع الذي يحيا فيه.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .