العدد 5849
السبت 19 أكتوبر 2024
banner
الذكاء الاصطناعي والدعاية السياسية
السبت 19 أكتوبر 2024

في مقال تحت عنوان "نساء من ضحايا الذكاء الاصطناعي" نُشر هنا أوائل أبريل الفائت، تحدثنا عن الإجرام الوضيع الذي يلجأ إليه مجرمو تقنية هذا "الذكاء" لابتزاز الفتيات البريئات من خلال إظهارهن في صور أو مقاطع فيديو إباحية متقنة التركيب والإخراج؛ بغرض ابتزاز الضحايا ابتزازاً مالياً أو لمآرب قذرة مشابهة، ما يدفع الضعيفات منهن - خوفاً على سمعتهن - إما للخضوع لطلبات المبتز أو الانتحار. لكن مثل هذا الشكل من جرائم الذكاء الاصطناعي، ليس سوى واحد من مئات ضروب الجرائم الإلكترونية الدنيئة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فلك أن تتحدث ولا حرج عن أعداد ضحايا السرقات أو السطو على أموالهم المودعة في البنوك، فلعلهم بمئات الألوف أو الملايين على مستوى العالم، ناهيك عن ضحايا "الهكر"، ولعلك تعجز عن حصر كل ما يخطر ببال في توظيف هذه التقنية الجهنمية لتنفيذ كل غاية شريرة ارتكبها الإنسان بحق أخيه الإنسان منذ فجر البشرية.
على أن واحدة من أخطر أشكال توظيف الذكاء الاصطناعي تلك التي تُستخدم في "الدعاية السياسية"، بما في ذلك الإساءات لدين ما، أو طائفة ما؛ لأغراض دينية أو سياسية، وكذلك الإساءة للخصم السياسي، دولة كانت أم جهة سياسية، أو تضخيم إنجازات أي منها، وتكثر هذه الاستخدامات البذيئة بوجه خاص وقت المنازعات السياسية والدينية والحروب الأهلية والخارجية. وتنفق على هذا الاستخدام المغرض للذكاء الاصطناعي أجهزة استخبارات عالمية غربية ذات خبرة مديدة، وحتى أجهزة استخبارات متواضعة، وذات مرة عرضت قناة "العربية" مثالاً مُدهشاً في توظيف تقنية الذكاء الاصطناعي لانتحال شخصية المذيعة المتحدثة للمشاهدين نفسها، بإظهارها وهي تتحدث باللغات العربية والإنجليزية والروسية والصينية بطلاقة مُذهلة في الإتقان، وثمة أمثلة متعددة عرضتها القنوات العالمية العربية مثل "فرانس 24" و" DW" و"بي بي سي" وغيرها، ناهيك عن فيديوهات "اليوتيوب" وخلافها.

ومع ذلك فإن ضحايا الوقوع في شرك الدعاية السياسية المُضللة التي تستهدف غسل أدمغتهم يُقدرون بعشرات الملايين في العالم يومياً؛ وذلك لتدني قدرتهم الثقافية السياسية على التمييز بين المادة المزوّرة والمادة الحقيقية.

*كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .