العدد 5841
الجمعة 11 أكتوبر 2024
banner
في ذكرى طوفان الأقصى.. ملامح باهتة لعالم متغير
الجمعة 11 أكتوبر 2024

بعد السابع من أكتوبر 2023 تغيّر كل شيء، واتضح كلّ شيء، وإن كان واضحا منذ سنين، لكنه الآن وعلى العلن ازداد وضوحا، فاللحظة التي بدأت فيها حركة حماس هجومها على المستوطنين وبعض المواقع العسكرية الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ سنة، قد سجلها التاريخ صدمة هزّت عرش النظام العالمي الجديد، وانقلب فيها العالم رأساً على عقب، حتى لكأنها تعادل الرجات الكبرى في التاريخ السياسي. إنّ هجوم السّابع من أكتوبر 2023، وبعد سنة كاملة، في رأي بعض المحللين، تجاوزت آثاره حرب الأيّام الستة في 1967، وحرب 1973 بل وحتّى أحداث 11 سبتمبر 2011. وأنّ هذا التاريخ سيظلّ عالقا في ذاكرة العالم، مفصلا تاريخيا. فبعد أن اطمأنّ الكيان لوجوده وانحسر فعل المقاومة عند حدود ردّ الفعل على العدوان هنا أو هناك في فلسطين، جاء السابع من أكتوبر 2023 ليدشن مرحلة جديدة هي مرحلة المبادرة والمباغتة والهجوم، مرحلة تذكير الكيان بأنه لم ولن يهنأ بالأراضي الفلسطينية دون حل عادل يرضي الطرفين.

ومن آثار السابع من أكتوبر أيضا انحسار واضح لعبارة الصراع العربي الإسرائيلي، واختزالها عمليا في عبارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ولربّما يختزلها البعض في الصراع بين حماس وإسرائيل، وإن كان في هذا الرأي مغالاة؛ فالصراع امتد من جديد في الضفة الغربيّة، لأنّ ما يشنّه الكيان اليوم هو إبادة للفلسطينيّ حيثما وجد صغيرا أو كبيرا رجلا أو امرأة عجوزا أو شابا. ومن آثار هذا الهجوم، وما تلاه من حرب 365 يوما إن صحّت العبارة، انهيار مقولة الجيش الذي لا يقهر، بل قد قُهِرَ وذُلّ أشدّ الإذلال بالرغم مما يملكه من ترسانة الأسلحة المتطورة والمساندة الأميركية الغربية اللامشروطة، وفشل في القضاء على حركة المقاومة حماس، بل أشعل المنطقة كلها ودخلت لبنان واليمن وبعض الفصائل في العراق على الخط، ثم من بعد ذلك إيران ليصبح الشرق الأوسط على صفيح ساخن، ملامحه باهتة ولا يعلم مستقرّه إلا الله.

ومن آثار السابع من أكتوبر ظهور الوجه الحقيقي للغرب الاستعماري؛ فلقد شاهد العالم على العلن حرب الإبادة في غزة حيث لم تُبقِ آلة الحرب الصهيونية ولم تَذَر، وفاقت في جرائمها ما حصل في البوسنة والعراق وأوكرانيا وسوريا وحتى في الحرب العالمية الثانية إذا قارنا بين رقعة الحرب وعدد المدنيين في تلك الحروب مع ما يحصل على أرض محاصرة من جميع الجهات مساحتها 365 كلم مربع وعدد سكانها 2.5 مليون هي غزة.. ولم يستطع هذا الغرب الضغط على إسرائيل أو لجمها بالرغم من كونها صنيعته.

بذلك يذهب العالم إلى المجهول بعد أن انهارت مقولات عديدة كالسلام العادل، وحقوق الإنسان وحقوق الطفل وقرارات مجلس الأمن ومواثيقه التي يمزقها الصهيوني أمام الملأ دون خوف أو محاسبة.. بل قد تبيّن أنّ تلك المبادئ التي تفنّن الغرب في صياغتها على مدى عقود هي سيف على رقاب كلّ من تسوّل له نفسه أن يتحرر من النظام العالمي الجديد، والشرق الأوسط الجديد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية