يمثل العمل الخيري والتطوعي في مملكة البحرين رافدا مهما وملهما وأداة فعّالة في تعزيز روح التضامن وتقوية أواصر الأخوة والتعاون بين أبناء الوطن، وتأتي هذه المكانة السامية للعمل التطوّعي عند أهل البحرين من روحهم السمحة؛ فهو متجذّر في أخلاقهم وطباعهم (الفزعة)، ويحظى العمل التطوّعي برعاية كريمة واهتمام فائق من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظّم حفظه الله ورعاه، ولن تنسى الجمعيات الخيرية والتطوّعية اللفتة الكريمة من لدن صاحب الجلالة حين وجّه منذ شهور قليلة بتحويل الأموال المخصّصة للاحتفال باليوبيل الفضي لتولّيه عرش المملكة، إلى الجمعيّات الخيرية والفرق التطوعيّة.
كما يحظى العمل الخيري أيضا برعاية موصولة من العديد من الشخصيّات الوطنية التي تبادر في العديد من المناسبات وبأشكال مختلفة إلى دعم العمل التطوعيّ؛ لشحذ همم المتطوّعين وتحفيزهم على الابتكار والاستمرار في هذا المجال الاجتماعي المهمّ، ومن هذه المبادرات ظاهرة الجوائز والمسابقات التي يشارك فيها المتطوّعون بأعمالهم لإبراز قصص نجاحهم، وكذلك لتوفير موارد إضافية لتمويل مشاريعهم التطوعيّة وتطويرها. ومن الجوائز التي عرفت استمرارا ونجاحا متواصلا جائزة سمو الشيخ عيسى بن علي بن خليفة آل خليفة للعمل التطوعي التي اختتمت يوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 بحفل تكريم الفائزين بها في نسختها الرابعة عشرة؛ حيث ضربت جمعية الكلمة الطيبة والاتحاد العربي للتطوع موعدا جديدا مع الإنجاز وحسن التنظيم من خلال إشرافهما على هذه الجائزة الرائدة. ومما يميّز هذه الجائزة انفتاحها على سياقها العربي؛ إذْ يشهد الحفل الختامي كلّ سنة تكريم شخصيات بارزة من رواد العمل التطوعي في الوطن العربي، تقديراً لإسهاماتهم البارزة والمتميزة في العمل الإنساني، ودورهم الكبير في تعزيز ثقافة العمل التطوعي. كما تتميّز الجائزة بتعدّد فروعها وتنوّعها، حيث تشمل مختلف مبادرات العمل التطوعي؛ فهي تكرّم الفائز بجائزة الريادة في العمل المجتمعي، وجائزة أفضل مشروع تطوعي بحريني، وجائزة ثالثة للفرق التطوعية والأفراد.
نعم، مرّة أخرى تضرب مملكة البحرين موعداً مع التألّق في سماء الإنسانيّة من خلال التشجيع على العمل التطوّعي والحثّ على تحمّل المسؤولية الاجتماعية، وذلك من بوّابة جائزة سمو الشيخ عيسى بن علي بن خليفة آل خليفة للعمل التطوعي، وهي واحدة من أهم الجوائز العربية التي تسهم في ترسيخ المكانة الطليعية لمملكة البحرين كمنارة للعمل التطوعي والحاضنة الأولى للمتطوعين.
إنّ الجوائز محفّزٌ كبير للمنظمات والجمعيات التطوعية والأفراد، والأكيد أنّهم لن يبخلوا بأفكارهم ومبادراتهم على وطنهم للمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لكنّ ذلك يحتاج إلى دعم ماليّ واهتمام إعلامي ومتابعة ميدانية من أجل ضمان ديمومة هذه الأعمال التطوعيّة.