العدد 5800
السبت 31 أغسطس 2024
banner
مدرستي مستقبلي
السبت 31 أغسطس 2024

أخذت المدارس تستعيد بهجتها بعودة طلابنا تدريجيا إلى مقاعد الدراسة، وسعدت نفوس وتلألأت عيون وأشرقت وجوه بلقاء الأصدقاء القدامى والجدد في الصفوف، إنها العودة المدرسية، إنه موسم كل الأسر، وموسم وزارة التربية والتعليم وغيرها من الوزارات، فجميعها تستعدّ على قدم وساق لإنجاح هذا الموعد الوطني. وترتبط العودة المدرسية بحالة من التأهب والارتباك داخل الأسرة، كونها تأتي بعد موسم الصيف الذي لا يخلو من العادات غير المنتظمة، والسهر، وقضاء معظم الوقت في اللعب والمرح، وممارسة الأنشطة والابتعاد نسبيا عن أجواء الدراسة، في حين تتطلب العودة المدرسية قدرا كبيرا من الانضباط في مواعيد النوم والاستيقاظ والخروج والدخول.

ويتضاعف قلق أولياء الأمور مع ارتفاع تكاليف الحقيبة المدرسية ورسوم المواصلات ودروس الدعم والتقوية والأنشطة الموازية وغيرها من المصاريف المنتظرة بالنسبة إلى العائلات ذات الدخل المحدود، حتى صارت العودة المدرسية كابوسا لدى البعض ولاسيما من وصل كل أولاده إلى سن التمدرس، لذا يغدو التخطيط للعودة المدرسية مطلبا ملحا للعائلات ينبغي التفكير فيه قبل فترة طويلة لضمان أحسن الظروف لعودة مدرسية لا تثقل كاهل العائلة. ومن أسباب إنجاح العودة المدرسية أن يجلس ولي الأمر إلى أولاده ويطلب منهم وضع أهدافهم للعام الدراسي الجديد، ثمّ يناقشهم فيها، في كنف الحوار الأسري البنّاء، إلى أن يتّفق معهم على أهداف محدّدة وقابلة للتحقيق دون أن يرفع سقف انتظاراته كثيرا حتى لا يتسبب في إحباط أولاده في صورة فشله في تحقيق تلك الأهداف؛ إذ لابدّ من أن يكون ولي الأمر على دراية تامّة بمستوى ابنه في العام الماضي وما يتطلّع إليه في العام الجديد. ثمّ لا ينبغي التركيز فقط على الأهداف الدراسية، إنما يشجّع ابنه على تحديد أهداف أخرى تتعلق ببعض مهارات الحياة أو بهوايته الرياضية أو غير ذلك.

ومن أسباب الإعداد الجيّد لعودة مدرسية ناجحة الاستمرار في إعلاء قيمة العلم والاحتفاء بالمعلمين وإكبار دورهم في بناء الأجيال؛ فالأمة التي لا تجلّ العلم ولا تجعل طلبه في أعلى سلّم القيم، ولا تقدّر معلّميها ولا تكرّمهم... لا يمكن أن ننتظر من أبنائها اهتماما بالمدرسة واحتفاء بالعلم وسعيا إليه. وهذا الدور تلعبه الأسرة ووسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني، والمنابر الدينية لأنه هو دور توعوي وضروري في زمن تراجعت فيه قيمة الدراسة والعلم ولم يعد المعلم الشخصية المؤثرة في الطفل كما كان سابقا، إنما غزت عقول أبنائنا نماذج جديدة من المؤثرين الذين اكتسحوا مواقع التواصل الاجتماعي وصاروا يظهرون أمام أبنائنا ليلا ونهارا حتى لا يكادون يفارقونهم في منامهم.

لموسم دراسي جديد ناجح لابد أن تستعيد المدرسة / العلم – رمزيا - قيمتها كونها الرافعة الحقيقية والسبيل الأمثل لبناء المستقبل وتحقيق التنمية المستدامة. ولمّا كان المعلم العماد الأول للمدرسة والعلم فإنّنا نرفع أسمى عبارات الشكر والامتنان لدوره العظيم في تربية المتعلمين وبناء عقولهم وصقل شخصياتهم. فعودة مدرسية ميمونة وكل عام وأنتم بخير، وكل عام وأنتم بُناة، وحصون، وشموع.

كاتب تونسي ومدير تحرير مجلة البحرين الخيرية

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .