العدد 5779
السبت 10 أغسطس 2024
banner
ظاهرة “ترامب”
السبت 10 أغسطس 2024

مازال مشهد اقتحام أنصار الرئيس السابق “دونالد ترامب” مبنى الكابيتول الأميركي في السادس من يناير 2021؛ بهدف تعطيل التصديق على نتائج انتخابات 2020 ماثلا في ذاكرة الأميركيين وكل العالم؛ فقد تجمّع هؤلاء لإخلاء مبنى الكابيتول، وتعطيل جلسة مشتركة للكونغرس لفرز الأصوات الانتخابية وإضفاء الطابع الرسمي على فوز جو بايدن في تلك الانتخابات. الرئيس الأميركي بايدن نفسه هو الذي استحضر ذلك المشهد الغريب من جديد ليستند إليه حين قال: “لست واثقا من انتقال السلطة سلميا بعد انتخابات نوفمبر”، وهو ما يدعمه العديد من المحللين؛ فقد مثّل ذلك الهجوم غير المسبوق في تاريخ الانتخابات الأميركية المشهود لها بالتداول السلمي للسلطة صدمة بل هزّة سياسية كانت ولا تزال لها ارتداداتها التي أثّرت في الوعي السياسي الغربي.

والحق أنّ استطلاعات الرأي اليوم في هذه الانتخابات كانت لصالح ترامب - المرشّح الذي تدعمه أوليغارشية أنجلوسكسونية وجماعات يمينية متعصّبة عنيفة، ولكن بعد إقناع جو بايدن بالانسحاب من السّباق الانتخابي وتعويضه بنائبته “كاميلا هارتس” اعتدلت الموازين، بل  لعلّ كفة هارتس رجحت في بعض الولايات. هذه المرشحة الديمقراطية تتميّز بابتسامتها التي تلازمها وخطابها السياسي الجذّاب كما تبدو من خلال طريقة كلامها واثقة من نفسها، خصوصا أنّها تحظى بدعم كبير من الحزب الديمقراطي، فضلا عن نزاهة ملفها السياسي واشتغالها سابقا في مجال العدالة، لذا ما فتئت تتقدّم في نوايا التصويت على ترامب، بل لعلّ هذه المرأة في هذا المجتمع الأميركي ذي العقلية الذكورية صارت مرشّحة قوية للفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة. وما يدعم تخوّف جو بايدن هو كلام ترامب نفسه فقد حكم على الانتخابات القادمة بـ “المزوّرة وغير الشرعية” في حالة عدم فوزه، وهذا الكلام لا يمكن تجاهله أو عدم أخذه بمحمل الجدّ حين نتذكّر حادثة الكابيتول الشهيرة والطعنة الكبيرة في الديمقراطية الأميركية عندما فشل ترامب أمام جو بايدن في الانتخابات السابقة.

وهو ما قد يمهّد من جديد لفتح باب العنف في حالة هزيمته في هذه الانتخابات.

لقد رفع الرئيس السابق دونالد ترامب شعار “أميركا أولا” وأميركا هي “الأنجلوسكسون أولا” وهو ما يبرز احتدام الصراع بين العنصر الأنجلوسكسوني المحافظ المتعجرف وبقية العناصر التي تشكل باقي مكوّنات المجتمع الأميركي وهم من أصول وأعراق ثقافية متنوعة جدا، لذا فهم أكثر ميلا للمرشح الديمقراطي مثل الرئيس الأسبق أوباما (أسمر البشرة ومن أصول أفريقية)  ثم بايدن (ذي الأصول الإيرلندية) والمرشحة الحالية هارتس (من أصول لاتينية) والذين يحاولون انتزاع أميركا من تملكية الأنجلوسكسون. لذا يطرح كلّ متابع السؤال بإلحاح: هل ستتكرّر مشاهد الكابيتول؟ وهل ستدخل أميركا في نفق الحرب الأهلية؟.

 

*كاتب تونسي ومدير تحرير مجلة البحرين الخيرية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .