تحكمنا في الرياضة “قواعد المنافسة”، وتصبح الآراء في الشارع الرياضي أحيانا “متهورة”، ولست أسحب ذلك على الجميع، فهناك من يتعقل وينظر في الأمور من جميع الزوايا قبل أن يطلق حكمه، ولكنهم قلة، ومع الأسف تسيطر الانفعالية على الغالبية، ويمسك لجامها أشخاص لا يريدون “وجع رأس”، بتفاصيل يعتقدون أنها لا تعنيهم، فهم ينظرون إلى “المشهد الأخير” بشكل منفصل عن المشاهد السابقة، وتتشكل انطباعاتهم ومواقفهم بناء على مخزون معرفي تنتجه خوارزميات “ذاكرة السمكة”!
أعتقد أن الآراء والمواقف إذا تشكلت بهذه الطريقة المتسرعة، فإنها ستتغير كثيرا ولن تعرف الاستقرار؛ لأن النتائج متقلبة والأحداث متسارعة ولا يمكن التنبؤ بها، وأقرب مثال على ذلك نتائج منتخبنا الوطني في التصفيات الحاسمة المؤهلة لكأس العالم عندما فاز في الجولة الافتتاحية على أستراليا، محققا مفاجأة مدوية، في عقر دارها، وبعدها بأيام سقط على أرضه وبين جماهيره بخماسية أمام اليابان، فماذا يمكن أن يقال عن المباراة الأولى والمباراة الثانية؟!
ولكن القيمون على المنتخب لا ينظرون إلى الأمور بـ “ذاكرة السمكة”، فهم يجمعون حصيلة المباراتين، وقد حصد الأحمر 3 نقاط من مباراتي أستراليا واليابان، وبهذه النظرة الأكثر اتساعا، يمكننا القول إن منتخب البحرين نجح بنسبة 50 % في الجولة الافتتاحية على مستوى جمع النقاط لتحديد ترتيبه في المجموعة الثالثة، إلى جانب كل من أستراليا واليابان، والسعودية وماليزيا، ويحتل منتخبنا المركز الثالث خلف اليابان، المتصدرة، والسعودية، متفوقا على أستراليا وماليزيا حتى الآن.. والقادم سيكون أصعب بكل تأكيد ولكنه في ذات الوقت ليس مستحيلا!
ختاما، يقول الروائي البريطاني أنتوني ترولوب: “لا أحد يمتلك رأيا جيدا بشخص لا يملك رأيا جيدا بنفسه”، فإذا لم نكن نثق في الاتحاد والنادي والمدرب واللاعبين وكل شيء في الرياضة وكرة القدم، فالأولى أيضا أن لا نثق في أنفسنا، أي الرياضيين، فنحن لسنا من كوكب آخر، حتى نعتقد جازمين أننا نعرف ما لا يعرفه الآخرون، وكأننا منزهون عن الخطأ.. ما أود قوله إن التعثر في الرياضة لا يعني الفشل، وإنما دافع للتعويض، وبالتالي يتوجب علينا دائما أن نكون إيجابيين، وألا نضع أنفسنا في قلب الحدث بينما نحن نتفرج من بعيد وننتقد بقسوة، من دون أن يكون لدينا معرفة شاملة لما يحدث على أرض الواقع بشكل دقيق!