العدد 5819
الخميس 19 سبتمبر 2024
banner
رحلة في زمن “البلاك آند وايت” مع بدر كيكسو!
الخميس 19 سبتمبر 2024

ليست الذكريات مجرد مذنبات شاردة في السماء، عندما تكون اللحظات صادقة ومؤثرة فإنها تلامس الروح وتعشعش في الوجدان، وتشكل ملامح الماضي وخارطة طريق يتبع الإنسان مسالكها للوصول العكسي إلى النبع، المنشأ، في محاولة للالتقاء بالذات التي انطلق منها نحو العالم الخارجي وتعرف فيها على الحياة بكل ما تحمله من قبح وجمال!

قصّ لي رجل الأعمال والرياضي بدر كيكسو حكايات عن ماضٍ جميل في حقبة الخمسينات والستينات، عندما كانت الصورة “أبيض وأسود”، قاتمة لجيل جديد، مشرقة لجيل عايشها، لكنها في كلتا الحالتين، تنبض بالحياة والمشاعر، مستمدة حضورها القوي من قوة المواقف التي شهدتها، لتثبت في نهاية المطاف أنها ليست مجرد أيام خوالٍ، وإنما قاعدة صلبة أسست لظهور شخصيات مثيرة للإعجاب ساهمت بشكل ملموس في بناء نهضة مملكة البحرين وتاريخها المجيد.

في الواقع، مازلت متأثرا إلى حد كبير بحكايات تحمل الشيء الكثير من العبر والمواعظ، نابعة من قبل الرجل الطيب بدر كيكسو (أبو أحمد)، الذي دفعه حب كرة القدم في السن 15، إلى طرق باب حاكم البحرين الراحل سمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة؛ ليطلب دعم المشاركة التي يعتزم هو ورفاقه - فريق نادي الجزائر، وقد حصل بالفعل على مبلغ سخي آنذاك  قوامه 500 روبية، وقد كانت كافية لتحقيق أحلامهم الخيالية التي شقت عباب البحر وصولا إلى قطر دون خوف من المجهول!

وكأننا نتحدث عن حكاية أسطورية، 25 مراهقا يغادرون منازلهم وفرجانهم ومدارسهم، مسافرين إلى خوض مباراة كرة قدم، متحدين أعمارهم بوجوههم الطفولية المدفوعة بالشغف، والمضي قدما في رحلة بدأت ولم تنته؛ لأنها رفعت من سقف التحديات والتطلعات، وأصبح ما بعد قطر ليس كما قبله، وكأنها نقطة تحول استراتيجية في تشكيل شخصية هؤلاء المراهقين، الذين بدر منهم سلوك لأشخاص كبار، وهنا يكمن السر في تشكل شخصية بدر كيكسو الفريدة، ومن لف لفها من جيل العمالقة ممن صنعت المواقف شخصياتهم المحنكة وهم في أعمار صغيرة، فأصبحوا قادرين على تحمل المسؤولية أكثر من أقرانهم، ممن يفضلون البقاء في قوقعة الخوف والتردد!

وهنا أتساءل بنوع من الحيرة في ختام هذه الرحلة الممتعة عن الزمن الذي يتحدث عنه بدر كيكسو، هل كان بهذا القدر من الجمال؟ هل السفر عبر قارب له مذاق ركوب الطائرة؟ هل تصفح الأخبار في الجريدة بسهولة اقتناصها من على منصات “السوشال ميديا”؟، هل لعب مباراة على ملعب رملي يمكن أن يكون أكثر متعة وإثارة من اللعب على ملعب عشبي؟!

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .