تمر علينا الكثير من المواقف والأحداث التي تترك فينا تساؤلات وحيرة، تلك الحيرة التي تخلق لدينا حالة من التردد والاضطراب، وتخلق في الذاكرة صورا غير واضحة، حيث يقف الفرد أمام الحيرة في منتصف الطريق، وهو عاجز عن اتخاذ القرار في أغلب الأحيان، أو يعجز عن إيجاد الأجوبة للأسئلة اللامتناهية.
إن الحيرة تساهم في الانشغال الذهني المستمر، وتساعد على تعزيز التشتت وقلة التركيز، كما أن لها دورا كبيرا في ظهور حالة الأرق، فالشخص الذي يحتار دائما في اتخاذ القرار يعكس مظاهر شخصيته المترددة التي لا تظهر قوتها اللازمة لحسم الأمور أو لقطع الشك باليقين، فهناك صراع يتولد في الداخل، خصوصا أنه في أغلب الأحيان ترجمة لخبرات الماضي، كأن يصف أحدهم حالته المحتارة (ليقول كلما تمسكت بالأشياء التي أتمناها وجدت أنها ليست من نصيبي، لذلك أنا كثير الحيرة فيما أريد وما هو أصلح لي)، وهنا تكثر التساؤلات التي قد تكون مرهقة للفكر وتسبب حالة من القلق النفسي المستمر.
في أغلب المواقف التي تغلب عليها الحيرة تظهر الخيرة، حيث تأتي الخيرة كنوع من المعالجة لما أحدثته الحيرة من جهد فكري، فالخيرة المبنية على تفويض الأمر للخالق تعزز الطمأنينة والسكينة وتهدئ روع الروح المشتتة، فخلال مسيرتنا الحياتية وجدنا أن هناك كثيرا من الأمور التي تحدث لخيرة قد لا يتم إداركها في الوقت نفسه، ففي تخلينا عن الكثير من الأشياء كانت هناك خيرة وفي غلق الأبواب والرحيل كانت هناك خيرة وفي قبول ما يصعب قبوله أيضا لمسنا الخيرة، فما بين الحيرة والخيرة فلسفة قد لا نفهمها أبدا.
*كاتبة وأخصائية نفسية بحرينية