ارتبطت الأمومة سابقا بمعاني التربية والرعاية، أي متابعة سلوك الأطفال وتقويمهم وإعطاؤهم الحنان والدفء وتعليمهم وإرشادهم والاهتمام بنفسيتهم، والأهم من ذلك كله أن نخرج أطفالا مفيدين للمجتمع وليسوا عالة عليه، أطفالا أصحاء نفسيا وعاطفيا، لكن الأمور الآن تغيرت، حيث أرى أن الأمومة أصبحت محتوى رائجا على وسائل التواصل الاجتماعي وكثيرا من المظاهر المتعلقة بشراء المستلزمات للأطفال وتصوير “اللانش بوكس” والملابس الجديدة، بل واستخدام الأطفال كمحتوى للوصول إلى أكبر عدد من المشاهدات والمتابعين!
الأطفال أنفسهم أصبحوا أكثر التصاقا بفكرة الظهور في السوشال ميديا، ويعتقد كل طفل أن له كامل الحق في تصوير يومياته وصوره وألعابه، بل إن أغلبهم يطالبون بأجهزة اتصال حديثة وبتقنية عالية، والحقيقة أنني ألقي اللوم على عاتق الأسرة والأم في المقام الأول، الأم التي أصبحت تقارن وضع أطفالها مع الآخرين، وكأنها في سباق حقيقي مع الزمن لإظهار أن أطفالها الأجمل والأكثر ترتيبا، والأكثر شراء لمستلزمات المدرسة، بل إن بعض الأمهات يقومون بتصوير دورات مياه أبنائهم وديكوراتها “أجلكم الله” التي يتم تغييرها أسبوعيا!
لا أعمم هنا فكرة الخلل في ميزان الأمومة، لكنها تحتاج إلى كثير من المراجعة بين الأم ونفسها دون إدخال العواطف، دون تقليد أعمى لهبات السوشال ميديا، دون السماح لفكرة أن “الكل يسوي هالشي فعادي احنا نسويه”، فاستيقظن يا أمهات الجيل الحالي، الزمن يركض ولا نود أن نقدم جيلا خاويا لا هم له سوى الموضة والتقليد والهبة وكل سموم السوشال ميديا، ولا أود أن أتعمق أكثر من ذلك لكنه الوقت لكي يربى الولد كرجل مستقبل والبنت كامرأة مجتمع.
*كاتبة وأكاديمية بحرينية