الفن بالنسبة للكثير من الشعوب مثل الماء والطعام والدواء، بل والأدوات الحربية، وفي قصة الشعب الفيتنامي الذي حارب ودافع عن أرضه في وجه الغزو الأميركي أروع مثال على قوة الفن في مواجهة الدبابات والطائرات.
لقد عاش الناقد السينمائي التشيلي “جوزيه النيرادو” فترة في فيتنام، وكتب تحقيقا بعنوان “الفن.. هو أيضا سلاح المعركة” وجاء فيه: انتبهوا.. أيها الرفاق، لدى سماعكم صفارة الإنذار، نرجو من جميع المشاهدين في الجهة اليسرى من القاعة أن يسلكوا الممشى الاحتياطي، ونرجو من المشاهدين في الجهة اليمنى للقاعة أن يسلكوا الممشى الرئيسي، ونرجو الهدوء، فالملاجئ الحصينة بانتظاركم.
بهذه العبارات اليومية تبتدئ السينما عرض الأفلام في هانوي وكل المناطق، ولقد آمن القادة الفيتناميون بدور الفن في المعركة، وعندما اجتمعت برئيس الوزراء وسألته عن تأمين وسائل الرفاهية أجاب: الشعب الذي يحارب ويعمل في نفس الوقت بحاجة ماسة للفن، وهو يعتبر الفن ضرورة كالخبز، وأضاف رئيس الوزراء.. الشعب يبدع الفن ونحن نمهد له عمله. لقد قرع الحزن والألم باب كل منزل، والعائلة والوطن شهدوا مسرحية الإبادة الجماعية، وتحولت الحياة اليومية إلى موضوع رئيسي للسينما والمسرح وللفن الفيتنامي عموما.
لقد شاهدت خلال إقامتي في جمهورية فيتنام ثلاثة أفلام فيتنامية وعددا من أفلام الكرتون والتحقيقات المصورة، وكانت جميعها قد أنتجت من قبل الفيتناميين أنفسهم، وعلى الرغم من الحرب والصعوبات الأخرى، تواصل السينما الفيتنامية نشاطها وترسل أفلامها للمهرجانات السينمائية الدولية، وبما أن العالم يتعرض لمشاكل متواصلة، والشعب الفيتنامي خصوصا، وجب على السينما أن تعكس ما يجري في بلاده ليطلع على الأحداث كل كائن بشري، كذلك على كفاح الشعب الفيتنامي.
هذا هو الفن.. قبضة فولاذية تتحدى الخناجر ولا حاجة لتذكر “حنظلة” ناجي العلي، وغيرها من الشخصيات التي وقفت على قمة التل دون استسلام.
* كاتب بحريني