الشاعر خليل حاوي انتحر بعد مشاهدته دخول قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى بيروت في يونيو 1982، فلم يحتمل المشهد وأطلق النار على رأسه في منزله، وفعل ذلك لأنه وصل إلى حافة اليأس، وكان والدنا محمد الماجد رحمه الله من أشد المعجبين بشعره، وكتب في زاويته اليومية بالزميلة “أخبار الخليج” كلمات رثاء منها: “انتحارك يا خليل أكبر وسام شرف يعلق على صدرك، لأنك ناضلت بكلماتك الراعشة، والنابضة، والحالمة بالأطفال الذين يعبرون الجسر خفافا، وكان صدرك الجسر الذي تمنيت أن يعبروا عليه من أجل غد أخضر”.
لو أننا “جيلك الذي تهدهد على مفارشك الأصيلة” وكنا مثلك، ومثل عظمتك وانصهارك في أتون المعاناة الموجعة التي يجهلها الأغبياء. أقول.. لو كنا مثلك أبطالا لانتحرنا مثلك، وأوصينا الحفار أن يعمق الحفرة لقاع بلا قرار.
والشاعر الروسي مايكوفيسكي الذي کرس كل إنتاجه الشعري لتحقيق هدف الاشتراكية الصحيحة، وعمل على بناء المجتمع الجديد، يقول في رسالة كتبها قبل وفاته مباشرة إنه قام بذلك لأسباب خاصة شخصية “إن زورق حياتي المفعم بالحب تحطم على ترهات الحياة، ولن أنصح الآخرين بالقيام بذلك”.
ويخاطب في آخر قصيدة كتبها بعنوان “بملء إرادتي” رفاقه من بعده بكلمات قوية مؤثرة تكشف لحد ما عن مشاعره آنذاك فيقول.. إن ما أخطه من أناشيد الحب لكم تروق لي كما تروق لكم، بل إنها تروق لي أكثر، للنفع والمتعة، لكنني أتعثر لأن أكتم الأصوات، صوت الأشعار التي تصدر من حلقي. ويقول أيضا فيما بعد.. إن الشاعر يمسح دم الجراحات التي تصيب المستهلكين باللسان الخشن.
وهناك الكثير من الأدباء الذين انتحروا لأنهم كانوا أضعف من مواجهة الواقع.
*كاتب بحريني