هناك مقولة ذهبية للمفكر الفرنسي الكبير جاك بيرك وهي “لقد نشأ في العالم كله نوع من التعارض بين ما ينبغي أن نعمل، وما ينبغي أن نكون عليه، إن ما ينبغي أن نفعله يعرفه كل شخص، الفرد، والجماعة، كل منهم يعرف ما ينبغي أن يفعله كي يتسلح في هذه المعركة الرهيبة للحياة الحديثة، لكن أينبغي أن يتسلح عن طريق تخليه عن نفسه؟ إن ما ينبغي أن نكون عليه هو أن نظل نحن، بالرغم من التجديد وبفضل التجديد أيضا، وهنا يبرز التناقض الكبير في هذا العصر”.
ما نريد قوله باستشهادنا بمقولة جاك بيرك، إن مشكلات السلام لها خصائصها، في كل حقبة تاريخية، وهناك إمكانات مختلفة لحلها، كما تتشكل بصورة مختلفة العلاقات بين مختلف الدول، والحياة الدولية تزخر اليوم بنزاعات حادة، وأوضاع متوترة ولحظات متفجرة، ويتطلب الوضع نفسه أن يختار السياسيون ورجال الدولة بين ما إذا كان على البشرية أن تتقدم على الطريق المؤدي إلى نمو الخوف والشك المتبادل ومواصلة تكديس الأسلحة والتوازن على حافة الحرب، أو على طريق نمو الثقة والتعاون، والانفراج ونزع السلاح والسلام الدائم.
كم هو غريب عالمنا وصعوبة فهمه، فالناس تعرف في كل بقعة من الكرة الأرضية أن الحرب لا تحمل سوى الموت والدمار للبشرية، ومع ذلك يبقى السلاح المثل الأعلى في تفكير العديد منهم، وما تزال دول تهدد دولا أخرى بدل اتباع سياسة التعايش السلمي، ولسوء الحظ لم تتعلم البشرية من أخطائها ولم تدرس أوضاعها دراسة كافية، وكأن ثمة تخريبا يتجلى في العقول لا يعرف له مصدر ولا أساس.
* كاتب بحريني