إن الناظر إلى الحياة الثقافية وأنشطة الجمعيات في البحرين بمجالاتها المختلفة، يجد نفسه أمام خطوط متوازية نشطة يحتل بعضها الرواد والكبار، وتجاربهم تتسم بالعمق والأصالة، ويحتل بعضها الشباب بعنفوانه وحرارته، وتجاربهم تتميز بالجديد أو المتواضع، لكن أكثر ما نلاحظه هو تكرار واجترار الفعاليات والأنشطة، فمثلا في شهر يوليو الماضي تمت استضافة شاعر كبير في مؤسستين ثقافيتين، والشهر الذي قبله تحدث أحد النقاد عن القصة والرواية في جهتين أيضا ولم تفصل بين “الاستضافة هنا وهناك” سوى أيام قليلة، والعام الماضي كان أحد أهم المخرجين السينمائيين في البحرين والخليج بطلا لمعظم الأمسيات.
نحن مع أن تكون الحياة الثقافية والأدبية ناشطة إلى هذا الحد، لكن يفترض أن يكون البرنامج الأدبي الذي تعده الجمعيات والمؤسسات الثقافية متنوعا بالمواضيع، ويلقي الضوء على جوانب من الحركة الأدبية، لا نقول غير معروفة، إنما لم تعط حقها في الندوات والبحث والتعقيب، مثل مسرح الطفل، والمسرح الجامعي، والمسرح المدرسي، والتصوير السينمائي، والسيناريو السينمائي، والدراما الإذاعية والتلفزيونية، وهناك حتما مجالات أخرى كالنحت والرقص ستكون إضافة رائعة للبرامج الدورية التي تعدها الجمعيات.
والملاحظة الثانية إصرار الجمعيات على تنظيم الندوات بشكل أسبوعي، بحيث تستنفذ كل طاقتها وكذلك الشخصيات المتحدثة، فمجتمعنا صغير وجميع الشخصيات الأدبية والفنية معروفة، والتنظيم الأسبوعي يطفئ شعلة الجديد والمتميز، والإنصاف الذي يقتضيه النظر الموضوعي والمنطقي هو تنظيم الفعاليات مرتين في الشهر بدل أربع مرات كما هو حاصل الآن في معظم الجمعيات والمؤسسات، فالمسألة ليست سباقا وصراعا لإثبات الخصوبة، إنما الصدى العميق الذي تخلفه الأمسية أو الفعالية والطابع المميز وأثرها في النفوس.
*كاتب بحريني