هل الإعلان عن وقف القتال في قطاع غزة يعني انتهاء الحرب؟ لا أتوقع ذلك البتة مع تصريح رئيس وزراء الكيان بأن إسرائيل دولة صغيرة تحتاج إلى توسعة! وهو ما يحمل عددا كبيرا من الاحتمالات بأن تتغير جهة الإبادة لا أكثر، ولا يبدو لي من خلال شخص رئيس وزراء إسرائيل أنه ينوي هدوءا حقيقيا، فالهدوء قد يطال قطاع غزة بعد ما يقارب العام إلا قليلا منذ بدء هذه الإبادة، لا أرى أبدا أية ملامح حقيقية من خلال تصريحات رئيس وزراء الكيان لهدوء سيعم المنطقة، فسيبقى يعاني من يعاني وإن كانت كلماته لا تستثني أحدا!
الآن وبعد إعلان وقف الإبادة، قد يكون هناك بصيص إنساني لا أكثر لمساعدة القطاع والعوائل المشتتة والأطفال المشردين والأمهات الثكلى والآباء المكلومين في التقاط أنفاسهم بعد أن قضوا ما يزيد عن عشرة شهور وهم يفرون من الموت إلى موت آخر، الآن فقط سيقومون بدفن بعض موتاهم أو حتى الاستمرار في محاولات التعرف على أشلاء ضحاياهم، لكنها أبدا لن تكون نهاية الفصل المأساوي، حيث أقرأ في الأفق مأساة جديدة لجهات أخرى. الآن نتنفس الصعداء، ونستكمل حياتنا التي لم تقف يوما، ولا أنكر دموعنا ولا محاولات المقاطعة ولا حتى عدم النوم ليلا في بداية تلك الإبادة، لكنني لدي الشجاعة لأقول إننا  - جميعا - كنا نمارس حياتنا تماما كما تعودنا أن نفعل، لأن التعود على تلك المشاهد أنهكنا لدرجة إنكارها ومواصلة الحياة، القادم فقط سيكشف لنا كيف ينسى الإنسان ويعتاد إلى أن يصبح قاب قوسين أو أدنى من تجارب مماثلة.

*كاتبة وأكاديمية بحرينية