العدد 5786
السبت 17 أغسطس 2024
ما حدث في أولمبياد 2024م
السبت 17 أغسطس 2024

القيم الإنسانية في تعددها بين العدل والحرية والكرامة والمساواة والعطف والرحمة، وتنوعها بين الفردية والعائلية والمهنية والوطنية، والتي تترجم في مجموعة الفضائل والأخلاقيات والمبادئ التي يترعرع عليها الفرد من وقت ولادته حتى مماته، وتؤدي دور الموجه للنفس الذي يراعي الآخرين في كومة المواقف والاختيارات. هذه القيم، هي من يلعب – وفق المتخصصين في المقاصد الإنسانية - الدور المهم والعنصر المؤثر في مختلف مراحل حياته الاجتماعية والتعليمية والوظيفية في دائرة محيطه المعيشي اليومي مع أفراد أسرته وجيرانه ومكان دراسته العامة والعليا حتى مبلغ مجاله المهني الواسع بما تتركه من أثر بالغ في دعواتها لنشر التحاب وتجنب الشرور ونبذ الكراهية ودعم الفعاليات الخيرية والمشاركات التطوعية وحضها على الالتزام بحسن الخلق في التعاملات دون تمييز أساسه أصل أو عرق أو جنس، أو تفرقة دافعها معتقد أو دين أو مذهب.
وقد قيل إن القشة في البحر يحركها التيار، والغصن على الشجرة تحركه الريح، والإنسان وحده هو من تحركه الإرادة الخيرة التي تصيره بالقيم والمبادئ الإنسانية – كما تحدث الأقدمون – عظيماً بالقدر الذي يعمل فيه من أجل رعاية أخيه الإنسان بعد أن يبني في نفسه الشخصية القوية المتماسكة التي تشكله درعاً واقياً يحميه من الوقوع في مهالك الزلل، واستشعار السلام الداخلي، وتوازن الحياة الاجتماعية المطمئنة.
نافلة:
حادثة الصراخ التي شاهدها العالم على شاشات التلفزة من العداء الإسباني “إيفان فرنانديز” على خصمه الكيني “أبيل موتاي” القريب من خط النهاية في سباقات أولمبياد باريس 2024م لأجل استمراره في الركض بعد أن لاحظه متوقفاً أمامه بسبب ارتباكه مع الإشارات من حوله ظاناً أنه أنهى السباق واضطراره لدفعه للفوز في السباق، انتشرت كالبرق بعد سؤال أحد المراسلين “لماذا فعلت هذا يا إيفان؟” وأجاب “حلمي هو أنه في يوم من الأيام يمكننا أن نحظى بنوعٍ من الحياة المجتمعية التي تجعلنا ندفع بأنفسنا والآخرين للفوز”.

إلا أن المراسل عاوده “لكن لماذا تركت الكيني يفوز؟”، فأجاب “لم أدعه يفز، كان سيفوز، كان السباق له”! هذه الحادثة – بلا شك - ترجمت مظهراً حياً من مظاهر القيم الإنسانية المتوارثة في التعاون الذي يقرب أمم العالم ويرسخ قيم الاحترام ويعمق اتصال الشعوب ببعضها ويشكل أنماط المجتمع العامة ويثبت روح القانون الذي يراقب السلوكات وفق مبادئ تحرك الكيان البشري التي كانت يوماً راقدة في بطون الكتب.

كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية