العدد 5751
السبت 13 يوليو 2024
“خصوصية” السبط الشهيد (ع)
السبت 13 يوليو 2024

وهب الباري الإنسان قيمة عظيمة بأن متعه بمكانة مثلى ومرتبة عليا أحسن فيها خلقه وأبدع بها تصويره وكرمه بنور العقل ووسع المدارك، وأعاشه في محيطه الآمن ومجتمعه المتجانس بأن سخر له ما في هذا الكون وأنعم عليه بنعم لا عد لها ولا حصر، كما شرفه بالتسديد والقوامة بأن أرسل إليه الأنبياء بالبينات الواضحات وبعث له الرسل بالشرائع الراسخات، بل وزكاه بالمعارف وأودع فيه الحكمة ورفعه بعز العلم عن حضيض الجهل، حتى حفظ له الجبار العظيم حرمته وصان له نفسه إذا ما ارتقى خلقاً وعظم نبلا، لاعتبار حرمته من أعظم الحرمات وانتهاكها من أشنع الجنايات.

الإمام الحسين بن علي (ع)) المولود بمدينة جده (ص) في العام الرابع الهجري، هو إمام كبير من أئمة المسلمين، وعلم بارز من أعلام التقى، وقائد من ألمع القادة المصلحين في تاريخ الإنسانية قاطبة، والذي برزت سيرته الروحية والأخلاقية بإجماع الرواة والمؤرخين في أمثلة وشواهد عديدة على حلمه وصبره وإحسانه حتى مع خصومه ومخالفيه. هذا الشهيد الخالد (ع) الذي لم يراع خصومه فيه حرمة ولا ذمة؛ مثالٌ صارخٌ على هتك الحرمات في أبشع صورها بعد أن قتل غريباً عطشاناً، وهو ما رواه ابن عباس بقوله: “رأيت النبي (ص) في المنام بنصف النهار أشعث أغبر، معه قارورةٌ فيها دمٌ يلتقطه، فقلت: ما هذا يا رسول الأمة؟، قال: دم الحسين وأصحابه لم أزل أتتبعه منذ اليوم”.

نافلة:

يجدد المسلمون بكل الأصقاع عامهم الجاري، الذكرى رقم (1344) لواقعة الطف الأليمة التي جرت أحداثها الثلاثاء 10 محرم سنة 61 هـ، والتي استمرت (3) أيام حسب (ويكيبيديا) وانتهت بشهادة الحسين والثلة الصابرة من أهله ورجالاته الخلص في مأساة كبرى لم يشهد لمثيلها بشاعة، والتي انعدمت فيها المبادئ الإنسانية المتعارفة.

فالحسين (ع) من كان غريباً عن مدينة جده (ص)، ومن كان مظلوماً ببطش أعدائه، ومن كان ظمآناً بلا رحمة منهم، ومن كان محزوز الرأس من القفا بشناعة فعلهم، ومن كان مسلوباً بعمامته وردائه وخاتمه، ومن كان خنصره مقطوعاً بخنجر حقدهم، وهو من كان صدره مرضرضأً وعظامه مهشمة بحوافر أعوجيتهم.

السلام عليك أيها السبط الشهيد ورحمة منه وبركات، يوم أضاءت الدنيا بمولدك المبارك، ويوم حزنت عليك ملائكة الأرض والسماء وجميع العالمين لسفك دمك الطاهر على غوغاء كربلاء، ويوم تبعث حياً شاهداً على مظلوميتك الكبرى بين يدي رب الخلائق أجمعين.

 

كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .