السابع والثامن من أغسطس الجاري لم يكن مجرد تاريخ عابر للزمن أو للمسافات، لكنه المؤتمر الدولي العاشر للأعمال والتكنولوجيا الذي نظمته الجامعة الأردنية بالعاصمة عَمّان.
لحسن الطالع أن الجامعة الأهلية شاركت في هذا التجمع الأكاديمي والعلمي العربي بوفد من كلية إدارة الأعمال، وفي الوقت نفسه كنت شخصيًا بعد دعوتي لهذه التظاهرة قد أعددت ورقة للمستقبل حرصت أن ألقيها بنفسي أمام هذا الجمع الأكاديمي المتميز، تحدثت عن كيفية ربط الاستثمار في التعليم الأكاديمي بمخرجات التعليم الأكاديمي، توفير الضمانات الكفيلة بتشجيع الاستثمار في هذا المجال الصعب، هو فعلاً صعب، من حيث إن المردود المالي منه يحتاج إلى الصبر، إلى توظيف المهارة والمعلومات لتصبح في خدمة المنتج النهائي الذي هو الإنسان.
نحن لا نبيع خدمة، ولا بضاعة مخزنة، ولا مواد “فريش”، ولا حتى سلعًا قابلة للاستهلاك الآدمي الفوري، مشكلتنا أننا نبيع العلم، نتاجر في القيمة المضافة الحقيقية للأوطان، في تكوين الذهنية والشخصية الوطنية للأجيال القادمة.
قضيتنا ليس “كم يُباع بكم”، لكنه كيف يتم تعظيمه بالكيف، بالنوعية والانتقاء، وليس بالحجم واستغلال الفرص والالتقاط، قضيتنا ليست ملموسة لكنها محسوسة، قيمتنا في طالب عند حسن الظن، وفي مناهج على مستوى حاجات البشرية المتعاظمة وأسواق العمل الملتهبة، وطريقنا ليس مفروشًا دائمًا بالورود، فالمنافسة غير المتكافئة قد تقضي أحيانًا على جامعات واعدة، وسوء التخطيط قد ينهي حياة جامعات كان مقدر لها أن تعيش آلاف السنين مثل العديد من الجامعات العربية العريقة (القيروان، الأزهر، الزيتونة، وغيرها).
مشكلتنا ليست وافدة من الخارج مثلما هي موجودة بيننا، الحل في حوار مفتوح بين الجامعات العربية وصناع القرار، في مؤتمر عربي يناقش مستقبل التعليم ليس من الناحية التكنولوجية ومستوى المواكبة مع التطور العلمي الهائل، فجميعنا ندرك تمامًا أهمية ذلك من دون تكرار، أو استطراد أو إطناب.
نحن نبحث عن أسواق متكافئة، عن تبادل طلابي وبحثي لا تعوقه الإجراءات القطرية واللوائح المنكفئة على ذواتها، نحن نسعى لكي تكون لدينا منظومة تعليمية أكاديمية قادرة على استيعاب الوجود بما له وما عليه، وليس لطردنا من الوجود لمجرد أننا نحاول وفي المحاولة عشرات الفوائد حتى لو لم تحقق الهدف المنشود دائمًا.
مشكلتنا في عقبات خارجة عن إرادتنا، ومستوردة من المجهول، وقادمة من “كل فجٍ عميق”، وقضيتنا الأولى كرجال عِلم وفِكر وتنوير تنحصر في تحقيق التمازج بين القديم البيروقراطي المكتبي وإصلاحه، والحديث عن “السهل الممتنع” وصلاحه.
مشكلتنا هي مشكلة مؤسساتنا المتعثرة التي تبحث عن حلول داخل الجامعات مثلما فعلت “هونداي” في كوريا الجنوبية، لكنها للأسف الشديد لم تجد من تستعين به، أو من يساعدها على علاج مشكلاتها.
تمنيت أن يتسع الوقت كوني متحدثًا رئيسيًا في هذا المؤتمر، أن أتحدث عن أهمية المشاركة في المؤتمرات الدولية حتى نستقي منها المعارف والأفكار ونتبادل معها الأطروحات والبحوث والمحاولات العلمية الجديرة، لكنه الوقت.. ثم الوقت، هو ما دفعني إلى استكمال كلمتي مع اجتماع دوري على الهامش لرابطة مؤسسات التعليم العالي العربية الخاصة، التي أتشرف برئاستها لمناقشة تفعيل دور الرابطة في تحقيق التعاون الأمثل بين الجامعات العربية الخاصة، وكيفية تحقيق أفضل وسائل للتبادل الطلابي والبحثي والأكاديمي، والله الموفق والمستعان.