العدد 5776
الأربعاء 07 أغسطس 2024
banner
هل يتوجب على ترامب أن يقلق؟
الأربعاء 07 أغسطس 2024

يبدو عنوان المقال مثيرا للدهشة، لاسيما أن المرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب تتوافر له جميع أسباب الفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة، فالرجل يلتف حوله الملايين من الأتباع والأشياع، وحملته لا تعوزها الأموال، عطفا على أن محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها مؤخرا عززت من التفاف التيار اليميني المسيحي الأميركي من حوله. في الداخل الأميركي اليوم هناك الملايين من الذين أسمتهم مجلة “بولتيكو” ذائعة الصيت “أنبياء ترامب الجدد”، أي أولئك الذين يؤمنون بأن الرجل هو مبعوث العناية الإلهية الجديد للداخل الأميركي، لاستنقاذها من شرور اليسار الديمقراطي المنحرف. مم يقلق إذا ترامب؟

يحتاج الجواب إلى تعميق البحث في مشهد السباق الانتخابي الرئاسي، سيما في ظل ما بدا أنه خيار مؤكد من جانب الديمقراطيين، واختيارهم مرشحهم.

بعد نحو أسبوعين أو أزيد قليلا من انسحاب الرئيس جو بايدن، من سباق الانتخابات الرئاسية، يبدو جليا أن الديمقراطيين حزموا أمرهم، وعقدوا عزمهم على اختيار كاملا هاريس نائب الرئيس الحالي، جوادا رابحا لهم في سباقهم القادم. أيكون على ترامب أن يقلق من هاريس؟ التساؤل عميق ومقلق للرجل بالفعل، لاسيما في ظل مقدرتها على جمع نحو 200 مليون دولار تبرعات انتخابية في أسبوع واحد، وهو رقم كبير للغاية، فيما ترامب لم يحصد سوى 124 مليون دولار في شهر يوليو بأكمله. لكن القصة تبدو أكثر إزعاجا لترامب من مجرد القدرة على جمع تبرعات، ذلك أنه من الواضح أن مهندس اليسار الديمقراطي الحقيقي، باراك أوباما، هو من يدير حملة هاريس، وهناك من الأحاديث ما هو أكثر إثارة من ذلك.

قبل بضعة أيام كان الصحافي الاستقصائي الأميركي الشهير سيمور هيرش، الرجل الذي أماط اللثام عن فضيحة أبوغريب في العراق، في زمن الغزو الأميركي، يكشف أسرارا جديدة حول الدور الأوبامي في ولاية بايدن – هاريس. القصة باختصار غير مخل تدور حول اتفاق جرت به المقادير قبل أربعة أعوام، كان أوباما عرابه، بموجبه يتولى بايدن ولاية رئاسية واحدة، ومن ثم يترك الفرصة لنائبته هاريس لتكمل النهج المتفق عليه من وراء الكواليس.

غير أن بايدن، وعلى ما يبدو تنكر لاحقا للاتفاق، وحاول المضي قدما في الحصول على ولاية ثانية، الأمر الذي دفع أوباما لتهديده باللجوء إلى التعديل الخامس والعشرين من الدستور الأميركي، حيث يمكن لنائبة الرئيس وبقية مكتبه إزاحته، بحجة حالته الصحية، والتي تقوم عليها دلائل كثيرة في الوقت الحاضر، وكما تبدت بشكل مثير للشفقة ربما، وللاستياء أحيانا أخرى في المناظرة التلفزيونية الفائتة مع ترامب. انسحب بايدن، وبدت كاملا هاريس جواد الديمقراطيين، وعليه فإن حملة ترامب تبدو وكأنه بات عليها أن تغير مخططاتها، لمواجهة خصم أكثر شبابا، ومقدرة على الحركة، وربما جمع الكثيرين من حولها.

كثيرون يلتفون حول كاملا هاريس بالفعل، في مقدمتهم الملايين من الديمقراطيين التقليديين، والذين سيصوتون لها، ومنهم الأميركيون الأفارقة، والنسوة، والمهاجرون، عطفا على الشباب، والكثير جدا من الأقليات.

يجري السباق عادة على الكتلة الحرجة، أولئك الذين في المنتصف ولم يحسموا أمرهم، وهم الذين تسعى الدعاية الانتخابية للحصول على أصواتهم نهار الخامس من نوفمبر القادم.

هنا، وبنوع خاص في ظل توافر أموال وفيرة لكاملا هاريس، سيكون من المؤكد وصول صوتها إلى ملايين الأميركيين في طول البلاد وعرضها، ومن المرجح أنه عبر خطاب وسطي معتدل، يمكن لكفتها أن ترجح، خصوصا في ظل الجنوح اليميني الترامبي المعتاد، حيث لم يقدر له أن يحتفظ بهدوئه لفترة أكثر من زمن خطاب الترشح في المؤتمر العام للحزب الجمهوري في ويسكونسن.

وفي الطريق لحصولها على الترشيح الرسمي للحزب، تبقى هناك جزئية مهمة، وهي اختيارها لمن سيكون نائبها، ومن وقت كتابة هذه السطور إلى وقت ظهورها للنور، ربما ستكون قد استقرت على شخصية مهمة، مثل جوش شابيرو، حاكم ولاية بنسلفانيا، ليعزز من فرص تحديها لترامب، وهو رجل مجرب وصاحب خبرة، ويختلف كثيرا عن شخص “جي دي فانس” الذي اختاره ترامب نائبا له.

وفي كل الأحوال فإن مئة يوم تقريبا، على الخامس من نوفمبر القادم، فترة كفيلة بحدوث تغيرات كبيرة ومثيرة في الداخل الأميركي.. دعونا ننتظر ونرى.

كاتب مصري خبير في الشؤون الدولية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية