شكلت وسائل التواصل الاجتماعي دعماً لم يكن متوفراً للطاقات والمواهب الشابة والوليدة، وذلك بسهولة وصولهم إلى أكبر شريحة ممكنة من الناس، وهو ما يسمح لهم بعرض قدراتهم ومواهبهم، والانتشار بشكل سريع وفقاً لمستوى كل واحد ومدى اجتهاده وتوفيقه. لم يكن في الماضي بالمقدور تحقيق ذلك إلا بصعوبة بالغة، ومن خلال قنوات معينة، فكانت الفرص أقل بكثير، رغم ما يعتري الميدان اليوم من كثرة الضجيج، وهو ما قد يطمس ظهور بعض المواهب، سوى أن الأفضل والمميز يفرض نفسه على الأغلب، ويرجع ذلك كله إلى قرار الجمهور في الاستحسان والاختيار.
وللأسف الشديد فإن بعض من يستغلون وسائل التواصل الاجتماعي تمكنوا من الانتشار وتحقيق متابعات عالية بالابتذال، بعيداً عن المواهب والقدرات، فيعرضون مستوى متدنياً من المحتوى الذي قد يؤثر على ذائقة بعض العامة من الناس، خصوصا صغار السن منهم، وهو ما يعتبر وبالاً على المجتمع ومرتكزاته.
إن قوة وسائل التواصل الاجتماعي كفيلة بالتأثير على المجتمع سلباً أو إيجاباً، وبمقدورها أن تبرز القدرات والمواهب على نحو من الاقتدار، لكنها أداة ذات حدين؛ فإما أن تستجيب إلى نداءات الجمهور، وترسم المسار الصحيح لإظهار وتبني المواهب، أو أنها تفرز نماذج سيئة، لا تخدم المجتمع، علاوة على أنها تضره، وهو ما يجب الالتفات إليه لاعتباراته الخطرة، خصوصا مع تباينات الوعي في المجتمع واختلاف الأفكار والاعتقادات.
*كاتب وأكاديمي بحريني