عانت الشعوب، كما عانى المجتمع الدولي بشكلٍ عام خلال العقود الماضية، من ويلات الحروب والاحتقانات السياسية في الكثير من دول العالم. ثم الركود الاقتصادي بسبب تدني أسعار النفط والحروب. ثم تفاجأ العالم منذ بضع سنوات بانتشار وباء كورونا الذي عصف باقتصاديات الدول وسبب الشلل لخطط التنمية، وأثر على المزاج العام للمجتمعات وانهارت دول. ولهذا ظلت شعوب دول العالم تتطلع إلى فسحة من الأمل والفرح، تتنفس فيها الصعداء وتعيد توازنها النفسي والاقتصادي وتنطلق نحو النمو والبناء من جديد.
وعندما انطلقت دورة الألعاب الأولمبية في باريس بتاريخ 26 يوليو الجاري إلى 11 أغسطس، تخللت ضمن مراسم حفل الافتتاح بعض الهنات التنظيمية والإدارية، وراح (الفاشلون أعداء النجاح) والمتربصون لاصطياد الأخطاء والهفوات إلى قذف اللجنة التنظيمية لهذه البطولة الدولية بأقسى عبارات النقد الهدّام والاستهزاء، معترضين على بعض الهفوات التي اعتذرت اللجنة المنظمة عنها لاحقا وتداركت الأخطاء. ولكن (أعداء الفرح والنجاح) لا يهدأ لهم بال إذا لم يُكدّروا صفو البطولة باستمرار هجومهم الباطل على الدولة المضيفة للبطولة.
فرنسا هي بلد النور والعطور والثقافة والعلوم والازياء والقانون والمسرح والشعر والآداب والتقدم والحضارة والتميّز... ثم يأتي بعض المتخلفين والجهلة من بعض الدول المتخلفة/ لكي يطعنوا في فرنسا وانتقاد البطولة لأسباب واهية تنم عن الحقد والكراهية لهذه الدولة.
وإذا تأملنا في في الأرقام والمبالغ المرصودة لهذا الحدث الرياضي الأبرز في عالم الرياضة، فسوف نرى أن استضافة باريس للألعاب الأولمبية الحالية سوف يكلف الجمهورية الفرنسية حوالي عشرة مليار يورو، ولكنها في المقابل سوف تجني من بعد هذه التكلفة عشرات المليارات التي سوف ترفد الاقتصاد الوطني وتصب في جهود التنمية للدولة لعدة أعوام قادمة.
أيها السادة الكرام، ليس أفضل من (الرياضة) سبيلاً لنشر قيم المحبة والسلام والتقارب بين الشعوب.
ولهذا، اتركوا مكانا للفرح في حياة الشعوب، وغضّوا الطرف قليلاً عن الهفوات البسيطة في البطولات العالمية، واتركوا الدول المثابرة تعمل، وشجعوها على العمل لتقارب الشعوب ونشر القيم الجميلة في الحياة والتميّز في أعمالها عوضاً عن الإساءة والاستهجان والتحريض عليها، فالذي لا يُخطئ هو الذي لا يعمل.
كاتب ومحام بحريني