العدد 5744
السبت 06 يوليو 2024
banner
نواب الجمعيات السياسية
السبت 06 يوليو 2024

يعود تاريخ أول مشاركة للأحزاب العربية في الحياة النيابية ببلدانها إلى عشرينيات القرن الماضي، ولعل النموذجين المصري والعراقي هما أقدم نموذجين عربيين لمثل تلك المشاركة، بغض النظر عما أُخذ عليها من مآخذ كونها – المشاركة - جرت في ظل النظام السابق في كليهما، وكونها أيضاً جرت في ظل نفوذ الاحتلال الإنجليزي وقتذاك، ناهيك عن أن التعددية الحزبية كانت مقيدة، ولا تشمل كل التيارات الفكرية في البلدين. على أنه يمكن القول إن ثمة مشاركات حزبية محدودة ومتقطعة تاريخياً جرت بعد استقلال عدد من البلدان العربية، كلبنان منذ استقلاله، وسوريا في الخمسينيات إلى ما قبل الوحدة مع مصر 1958، فضلاً عن الأردن والمغرب. وثمة مشاركات في غير تلك الدول أيضاً، وإن بدون مشاركة حزبية صريحة وعلنية، على نحو ما جرى في بعض البلدان الخليجية التي نزلت في انتخابات بقوائم شخصية ائتلافية دون الكشف عن أحزاب أو تنظيمات مرشحيها والتي كانت تعمل تحت الأرض.

وفي مثل تلك التجارب الحزبية في العمل البرلماني، وعلى كل ما يؤخذ من سلبيات الحياة النيابية العربية، إلا أن ثمة أحزاباً عربية حققت نجاحات متفاوتة، سواء في تعزيز نفوذها الجماهيري أو في إثراء الحياة البرلمانية. لكن تلك النجاحات ما كانت لتتحقق لولا وجود ضربين من الرقابة يخضع لهما النواب الحزبيون، ولو بالحد الأدنى من تلك الرقابة: الضرب الأول يتمثل في الرقابة الشعبية، والتي تتحقق إذا ما التزم النائب الحزبي وحزبه على السواء باستمزاج آراء القواعد الشعبية في دائرته أو سواها من حيث أدائه البرلماني، وللكشف عما إذا توجد على النواب ملاحظات لدى الناخبين من خلال تنظيم لقاءات دورية مع اقتراب كل فصل تشريعي ولو من خلال عينات منهم، وعما إذا توجد لدى تلك القواعد أيضاً مقترحات ومطالب يأخذها النائب في الحسبان، بحيث يُنظر لاحقاً في مدى جدية النائب داخل البرلمان في العمل على تحقيقها.


أما الضرب الثاني، فيتمثل في الرقابة الحزبية على النائب الحزبي داخل مؤسسته الحزبية، أو ما يشاكلها كالجمعيات السياسية في بلادنا. لكن أكبر الظن وعلى ما يبدو، فإن هذا النوع من الرقابة بضربيه غير ما تحقق على أرض الواقع فيما يتعلق بنواب بعض جمعياتنا السياسية، إن لم يكن كلها.
ذلك أن نوابنا - كما يبدو - يعملون بمعزل تام عن جمعياتهم، بل ولا يجودون بأية تبرعات مالية لها، اللهم إلا في أضيق الحدود والمناسبات، والأسوأ من ذلك أنهم في كثير من الأحيان يقفون على النقيض تماماً من سياسات جمعياتهم المبدئية، وهذا ما سيؤثر ليس على مستقبلهم البرلماني فحسب بل على سمعة جمعياتهم السياسية في الأوساط الشعبية، ويزيد من ضعضعتها.

كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية