العدد 5721
الخميس 13 يونيو 2024
“ليس من حق أحد أن يكون فقيرا”!
الخميس 13 يونيو 2024

عند الحديث عن الفقر في الوطن العربي تتداعى العديد من الأسئلة الجوهرية، أهمها: هل الفقر حتمية اجتماعية لا فكاك منها؟ أم هو مجرد حالة اجتماعية – اقتصادية يمكن السيطرة عليها من خلال البرامج والخطط التنموية؟ التقرير العربي الثاني حول الفقر متعدد الأبعاد - الصادر في العام 2023م، حاول الإحاطة بهذا الملف بشكل موضوعي. وقدم تحليلاً لنطاق الفقر متعدد الأبعاد في البلدان العربية وكشف عن الاتجاهات التي سادت في العقد الماضي وآثار الأزمات المتعددة التي شهدتها المنطقة على الفقر. مؤكدا أن 11 بلدًا عربيًا مصنفة كدول فقيرة تماما، وأنه حتى السكان المصنفين غير فقراء، هم بدورهم معرضون للوقوع في الفقر، بحسب أوضاع البلدان.
ولدي على هذا التقرير بعض الملاحظات التي أراها مهمة، منها: تعريف الفقر باعتماد معيار متوسط الدخل كمرجعية، فمن يحصل على دخل لا يقل عن دولارين في اليوم فهو ليس فقيراً (معيار البنك الدولي الذي تأخذ به العديد من الدراسات). وهو معيار غير دقيق، إذا أخذناه مجرداً عن السياق الاجتماعي - الاقتصادي، فواقع الحال أكثر تعقيدا، ولذلك قدم تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة في العام 2023م مؤشراً لا يركز فقط على فقر الدخول فحسب، لكن أيضاً على وجوه الهشاشة الاجتماعية والحرمان من فرص العيش المقبول وفرص العمل، والحرمان من الحياة الطويلة بصحة جيدة، ونسبة الأمية، والمستوى المعيشي اللائق، وانخفاض الغذاء الصحي والرعاية الاجتماعية، والنقص في توافر المياه النقية والصرف الصحي. كما يجب أن نلاحظ أيضا أن هناك فقراء كثرا يعيشون في مجتمعات غير منخفضة الدخل، أي أنهم فقراء في بلدان غنية.
ويبقى أن نشير إلى المسؤولية على الفقر، فلا أحد يجب أن يكون فقيراً، كما يقول المفكر الإيطالي ريكاردو بتريلا: “... ليس من حقّ أحد أن يكون فقيراً، ويكفي إظهار إرادة سياسية حقيقية لتغيير العالم والقضاء على الفقر”، وللأسف فإن الدول الغنية أصبحت تنظر إلى الفقر على أنه نوع من الحتميات الاجتماعية.
* كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية