انشغل الكثيرون في الوسط الرياضي بمملكة البحرين في اليومين الماضيين بالحديث السلبي عن نتيجة مباراة المنتخب الوطني لكرة القدم الأخيرة مع نظيره اليمني والتي انتهت بالتعادل، ضمن المرحلة الثانية من التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم 2026 وكأس آسيا 2027، متناسين أن هذا التعادل كان كافيا لنقل “الأحمر” إلى المرحلة الثالثة من التصفيات المونديالية، بالإضافة إلى صعوده لنهائيات كأس آسيا، وهذه من المفترض أنها أخبار جيدة حتى وإن كانت من البديهيات!
قد لا يعجب البعض الحديث بإيجابية عما حصل، فهم يتوقون إلى “ميتافيزيقية” الأمور، ويعتقدون أن الماضي -بما له وما عليه- كان أفضل من الحاضر وأيضا المستقبل، وأنه لا يوجد أمل في هؤلاء اللاعبين وهذا المدرب، ويؤمنون حد القناعة أن كل ما يحدث وسيحدث لن يفضي لنتيجة أفضل مما تحقق، متأثرين حتى الثمالة بالمفعول السحري الذي تحدثه “حلاوة البدايات”!
وأنا مثلهم، مقتنع تماماً أن الماضي الجميل قد لا يتكرر، وأن منتخب محمد سالمين وعلاء حبيل وطلال يوسف هز عرش القارة الآسيوية في عقد الـ 2000، وأشهد أنه لامس بأصابعه حلم التأهل إلى مونديال الساحرة المستديرة، مرتين متتاليتين، الأولى أمام منتخب لاتيني لم نسمع باسمه إلا في العام 2001 “ترينداد وتوباغو”، والثانية لم نكتشف أنه بلد يملك منتخب كرة قدم الا في العام 2009 “نيوزيلندا”، ومنذ ذلك اليوم ونحن نعيش في “العصر الجليدي” الذي جمد فاعلية المقولة الشعبية المأثورة في عقولنا “الثالثة ثابتة”!!
وبالله عليكم، كيف يمكن أن تأتي “الثالثة الثابتة” طالما نعتقد بأنها نبوءة لا تتحقق إلا بنوعية استثنائية من اللاعبين؟!، أولم يحن الوقت كي نخرج من عنق الزجاجة، ونعيد التفكير مرة أخرى، في هذه المسألة، فالأكيد أن منتخبنا الوطني سيتأهل إلى كأس العالم ذات يوم، ولكن ليس بذات السيناريو السابق، الذي يصل من خلاله إلى مرحلة “نصف تذكرة” عن آسيا، ويضطر إلى القتال العقيم على النصف الثاني مع منافسين من قارات أخرى تقع جغرافيا في القسم الآخر من الكرة الأرضية!!
لا شك وأننا سنتأهل ولكن بطريقة مختلفة لم تخطر على بال الكثيرين، ولعل تغيير نظام بطولة كأس العالم وزيادة عدد المنتخبات المشاركة من 32 إلى 48 يخلق واقعا جديداً لمنتخبات كانت على مشارف بلوغ كأس العالم، ومنها -منتخبنا الوطني- وبالتالي تمنح التصفيات الآسيوية المؤهلة للمونديال حاليا أربع بطاقات إضافة إلى الأربع والنصف السابقة، وهذا يعني أن حظوظ التأهل أكبر وأن نظام التصفيات الجديد يخدم أهدافنا وطموحاتنا وآمالنا أكثر من الماضي.
ومثال حي على ذلك- ما يمثله الدور الثالث من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026 الذي تأهل له منتخبنا الوطني بعد التعادل مع اليمن، ففي هذا الدور سيتم توزيع المنتخبات الـ18 المتأهلة على ثلاث مجموعات، تضم كل مجموعة ستة منتخبات، تلعب فيما بينها مواجهات ذهاب وإياب، بحيث يتأهل أول وثاني كل مجموعة إلى نهائيات كأس العالم 2026 مباشرة، في حين تبلغ المنتخبات الستة صاحبة المركزين الثالث والرابع في المجموعات الثلاث للمرحلة الرابعة، وبذلك بات منتخبنا في مرحلة حساسة ستحدد مصيره في التصفيات وهو أمام ثلاثة خيارات لا رابع لهم: الصعود المباشر، الخروج المباشر، البحث عن المجهول في المرحلة الرابعة!
ختاما، طالما أن منتخبنا يمتلك حظوظ التأهل المباشر، فلنأمل أنه يعد العدة جيداً لبدء مرحلة جديدة من التنافس في سبتمبر المقبل، بعقلية لا تشبه الماضي ولا تنظر للأمور بميتافيزيقية مفرطة، وأذكر نفسي وأذكركم أن الإمام علي بن أبي طالب قال ذات يوم: “كل متوقع آت فتوقع ما تتمنى”!