العدد 5705
الثلاثاء 28 مايو 2024
زوايا مختلفة
الثلاثاء 28 مايو 2024

لا تخلو أية قضية أو حدث من تعدد وجهات النظر بين مجموعة من المشاركين في طرح الرأي والتعبير والتفاعل باعتباره المغزى الأساسي لطبيعة البشر ونشاطهم الاجتماعي في عملية التواصل فيما بينهم، والمعنى هنا فعليًا يقول إنها طبيعة بشرية، وفي ذلك لا يمكن للخلاف أن يأخذ مجراه، فلا صحة له ولا وجود، لأن الاختلاف وارد من جهة الطرح بشكل أكبر وجلي، وأكثر ما يعجبني في ذلك، عندما نقول إننا في وقت التناظر، ننظر للأمور من زوايا مختلفة، ما يجعلني أفكر دائمًا في عدد الزوايا أصلاً للحدث ذاته، ولو وجدت يا ترى، فما هو الشكل الهندسي للموضوع؟ ولماذا تختلف النظرة بين شخص وآخر؟ وماذا لو صارت للشخص ذاته أكثر من زاوية نظر؟
من تلك التساؤلات تتوارد لدي العديد من التحليلات والتصورات، وعجت وتداخلت فيما بينها ولم أتوصل لحقيقة ما يحصل لنا وبيننا فعليًا، لكنني أعشق تلك المواقف التي ترتبط بالدروس المستفادة من مخرجات النقاش في كل قضية وحدث، والتي غالبًا ما نطلق عليها بالرأي ووجهات النظر، لذلك أصغي بتمعن لكل ما ينبثق من كل زاوية نظر، خصوصا إن تشابهت الوجهات فيما بينها واختلفت في صياغتها وجاءت بأسلوب مختلف يوازي ما يمتلكه الشخص من مفردات ومصطلحات تعبيرية تقوده نحو صياغة تلك الرؤية التحليلية بناءً على ما تراكم لديه من خبرات ومعارف. لذلك، أرى الحاجة الماسة لتوظيف هذه القدرات الخلاقة التي يمتلكها البشر في عمليات التشخيص وتحليل الواقع، والإيمان بها مطلقًا في عمليات التخطيط والتطوير، لأنها تأتي من واقع به ارتباط حقيقي بالمشاعر التي تحتاج الفرصة لكي تطور الواقع من حولها وتتطور معه، بشرط حصول التوازن والانسجام بين زوايا النظر لمختلف المواقف المتعلقة بذات الهدف والرؤية، وهي استراتيجية نهوض واستقرار مبنية على الحقائق، وأراها حتمية في ضمان انطلاقة واستمرارية تأسيس كيانات تنظر في وجهات عديدة لتضع الرؤية الشمولية التي تضمن استثمار كل الوجهات بصورة حضارية.
*كاتبة وأكاديمية بحرينية

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية