أقبل شهر رمضان، شهر الخير والبِر والإحسان، أتى حاملًا في جنباته أجمل المعاني السامية التي تبعث في النفوس الطمأنينة والارتياح. أتى ومعه أسمى النفحات الروحية التي تلين القلوب وتزكي النفوس، وتجعل كلمة العطف والحنان تسري في القلوب، فيجود كُل بما يستطيع، ففي هذا الشهر تتقوى الروابط الأخوية والإنسانية الصادقة بأجمل صورها، وتتوثق عُرى التكافل الاجتماعي بأسمى معانيها، ويعيش الصائم أيامه ولياليه، زكي النفس، نقي السريرة، صفي المودة. فمن قطعه يُوصله، ومن بَعُد عنه يُقربه، ومن نساه يسألُ عنه. فتكبر الأسرة من أسرة فردية إلى أسرة مجتمعية، في بيوتٍ متعددة كأنها بيت واحد، أهلها متعددون إلا أنهم في بناءٍ واحد، يعيشون معًا في خندق المحبة والتعاون والألفة والتكاتف، تبتعد عن حيهم وقلوبهم الخلافات والشحناء، فيتسابقون للالتقاء والتعانق في فضاء من التسامح والتعايش.

شهر رمضان، جميلٌ في نهاره الذي يتحد فيه جميع المسلمين في وحدة صيامه مُمتدة من أولى ساعات الفجر حتى بدايات الغروب، وأنيسٌ في لياليه، فعلى مائدة الإفطار تتحد أطباق البيت مع أطباق الجيران والأهل والأقارب في وحدة طعاميه واحدة، وفي لياليه تجتمع العوائل الأسرية والمجتمعية في المجالس، اجتماعية أو ثقافية أو دينية، كما يحنو الغني المقتدر على الفقير البائس الذي يَسعد بما يُقدمه أخوه في الإنسانية حُبًا وكرامة بما يَهب له بما يُمكنه من المال أو الأطعمة حتى لا يُعاني من وحشة الحاجة وألم الجوع، وهي من العادات الطيبة في الشهر الفضيل.

وأيضًا هناك العديد من برامج الترفيه التي تنظمها الخيام المنتشرة في البلاد، وما تُقدمه أجهزة التلفاز من برامج ثقافية واجتماعية ودينية ومسلسلات متنوعة.

ففي شهر رمضان العديد من العادات الطيبة ذات الفضائل والمعاني العظيمة، فشهر رمضان ليس فقط شهرًا للصيام وما يتبعه من العبادات، بل هو مدرسة روحية سامية يشعر من خلالها الإنسان بأخيه الإنسان. ومن عظمة هذا الشهر الذي نصومه إيمانًا واحتسابًا فقد خصه الله تعالى بمزايا عديدة، منها مضاعفة أجر أعمال التصدق والإنفاق على المحتاجين وتلاوة القرآن الكريم والتفقه فيه، وغيرها من الأعمال. فلنجعل من هذا الشهر وسيلة لموازنة طاقاتنا بالأعمال الصالحة وشحن أرواحنا أهدافًا في مجالات الحياة، وأن نتناول الأطعمة بقدر حاجتنا دون إسراف أو تبذير. فيا أهلًا ومرحبًا بشهر النور والخير والبركات.

كاتب وتربوي بحريني