العدد 5583
السبت 27 يناير 2024
banner
“كلينسمان” ونظرية “مكيافيلي”!
السبت 27 يناير 2024

أنا مؤمن أن الهزيمة بشرف خير ألف مرة من الفوز بالعار، وأدرك تماما أن التاريخ يحتفظ في متحفه الأبدي بكل شيء، فلا يظن أحداً أنه سيمسح مواقفه المخزية من الذاكرة مع مرور الزمن مثلما يفعل مع الكمبيوتر أو الموبايل أو أي جهاز ذكي من صنيعة بني البشر!
ولقد شاهدتم وسمعتم ماذا قيل عن الألماني كلينسمان مدرب منتخب كوريا الجنوبية لكرة القدم، المتهم بالتواطؤ في المباراة التي تعادل فيها فريقه مع ماليزيا بثلاثة أهداف لكل منهما، ضمن الجولة الأخيرة من دور المجموعات بكأس آسيا، وذلك خشية مواجهة منتخب اليابان في دور الـ 16، وبالتالي فإن هذا المدرب الكبير سقط في الاختبار وظهر بصورة الخائف وغير الواثق من إمكانات فريقه الذي يعد من أفضل المنتخبات في قارة آسيا!
وأود أن أذكركم أن كوريا الجنوبية ليس المنتخب الوحيد الذي وقع ضحية “التواطؤ”، فهناك منتخبات عريقة فعلت ذات الشيء لكنها لم تنل تصفيق الجماهير ودفعت لاحقا ثمنا باهظا، ولعل أبرزها منتخب البرازيل عندما تعمد الخسارة أمام النرويج في دور المجموعات بمونديال فرنسا 1998، ليحرم منتخب المغرب من التأهل، ولكن منتخب البرازيل وقع في شر أعماله فيما بعد بخسارته المريرة في المباراة النهائية أمام فرنسا بثلاثية نظيفة.
لذلك أنا أبرئ المغربي حسين عموتة مدرب المنتخب الأردني من تهمة تعمد الخسارة أمام منتخبنا الوطني بهدف نظيف لهذا السبب ولأسباب أخرى، أبرزها أن الفوارق بين المنتخبين ليست كبيرة مثلما هو الحال بين كوريا الجنوبية وماليزيا، حتى وإن كانت عطاءات “النشامى” مميزة في البطولة الآسيوية، لكنها حسب اعتقادي “أكذوبة” يروج لها من يريد التقليل من شأن فوز منتخبنا الوطني الذي استعاد بريقه وعنفوانه رغم كل الضغوط!
في الختام لا يمكن تطبيق مقولة مكيافيلي “الغاية تبرر الوسيلة” على كل شيء في الحياة، فقد جاءت هذه النظرية في طيات كتابه الشهير “الأمير” الصادر قبل أكثر من 500 سنة، والمتخصص في الفقه السياسي ومصلحة الدولة واستقرارها، مبررا استخدام كل الوسائل لتحقيق هذه الغاية، ولا شك أن الفارق شاسع بين السياسة والرياضة، فالأولى ترفع شعار ميكافيلي المثير للجدل، بينما ترفع الأخيرة شعار “المنافسة الشريفة” فأيهما تفضلون؟!

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية