في أحد الأيام، تعطلّت سيارة امرأة ثرية على إحدى الطرق السريعة! وفجأة توقفت سيارة قديمة يقودها شاب نحيل أسمر، ركبت معه – بعد تردد - كي يوصلها إلى داخل المدينة، وفي الأثناء سألته عن اسمه ووظيفته، فأجابها أنّه سائق سيارة أجرة اسمه آدم، وعندما أوصلها وسط المدينة، سألته كم تريد؟ ففاجأها بأنه لا يُريد شيئًا، وأنّ الأجرة هي أنْ تفعل الخير مع شخص آخر! بعدها اتجهت للمقهى، وأحضرت لها النادلة الشاي التي بدت شاحبة الوجه ومنتفخة البطن. فقالت لها المرأة: لِمَ لا تُريحين جسدك في البيت؟ أجابتها النادلة: أحاول توفير ما يكفيني من مصاريف الولادة. وبمجرد ما انتهت من المحاسب لتُحضر باقي المبلغ الذي كان كبيراً! فوجئت بأنّ المرأة ذهبت وتركت ورقة مكتوب فيها: لقد تركت الباقي هدية لطفلك القادم، وجرت فرحة إلى المنزل لتُخبر زوجها "آدم" بالأمر، الذي كان هو نفسه سائق سيارة الأجرة!
مما لا شك فيه أنّ "آدم" نال بفعلته التوفيق والأجر والثواب وانشراح الصدر وراحة الشعور، فيما زاد على الكيان المجتمعي تماسكه بتوثيق علاقاته وتعزيز روح التعاون بين أفراده بعيداً عن الإساءة أو الإيذاء أو الخذلان أو الغل أو الحنق في سبيل إرساء أسس التعاون والمحبة بين الناس وفعل الخيرات الذي يُراقب فيه الإنسان أفعاله سراً أو علانية وفي أقواله أو أعماله ابتغاء مرضاة الجليل الكريم في وجوه الإحسان كافة، ولا سيّما مع الوالدين في برّهما وطاعتهما، والأهل في مزاورتهم ووصالهم، والجيران في إكرامهم: إذا مرضوا زارهم وإذا فرحوا هنّأهم، بل ومع الحيوان في تجنيبه الأذى والمضرّة حتى في ساعة مذبحه.

نافلة: 
تنتشر المشاريع الخيرية على الغالبية العظمى من جغرافية القُرى والمُدن البحرينية بُمحافظاتها، حيث تتنوع قائمة هذه المشاريع محلياً في دعم الأسر المُنتجة وسداد ديون المُتعففة منها ورعاية رجالها ونسائها المُسنين وتقديم أوجه الدّعم والرعاية للأيتام والأرامل فيها، وتأهيل المساكن لذوي الهمم منهم وترميم البيوت وصيانة المنازل، وصولاً إلى توفير الحقيبة والزي المدرسي والأجهزة الذكية الأخرى في صورة حملات تختلف في مُسمياتها وشعاراتها. فيما تبرز تلك المشاريع في بعدها الخارجي في صورة حملات إغاثية (عاجلة) أثناء وقوع الحروب والنزاعات والكوارث والجفاف وإلخ عبر إرسال الشحنات الغذائية والبعثات الطبية وحفر الآبار ومُخيمات الإيواء وغيرها.

كاتب وأكاديمي بحريني