استجابة (حتمية) لأمر الخالق المُتعال ونيل رضاه (الأكيد) في إسعاد الأرحام وسبيل إلى طاعته المُوجبة لنيل نعيم الحسنات وتجنّب غضبه في مستنقع المُوبقات، وتكفير الذنوب وبسط الأرزاق وزيادة البركات، ونشر الوداد وتقوية الأواصر ومنع التحاسد وتبعيد الأحقاد، تُعدّ من الأمور المفروضة على كلّ مسلم أو مسلمة حين يجلس مع أقاربه ويتسامر بمعيتهم ويُخاوي أحقّ الناس بالإحسان وأولاهم بالرعاية من الأقربين له بالنّسب أو المُصاهرة وسط أجواء غاصة بالتزاور والمُعاودة والنصح والصفح والمسامحة والعطف والتفقُّد والمساعدة - بحسب قدرة الواصل وحاجة الموصول - لما لها من الفضل الجمّ في دخوله الجنة وطول عمره ونقاء قلبه وسكينة نفسه.
ما يؤكد أثرها البالغ أن أتَى النَّبيَّ (ص) رجل وقالَ إنِّي أصَبتُ ذنبًا عظيمًا، فَهَل لي مِن تَوبةٍ؟ فقالَ له: هل لَكَ مِن أمٍّ؟ قالَ: لا، قالَ: هل لَكَ من خالةٍ؟ قالَ: نعَم، قالَ: فبِرَّها. فهي التي تقود إلى غفران الذنوب العظام وتهوين الحساب الشديد ووقاية الميتة السوء وحماية المكروه المقيت وتوفيق العمل الخير الذي يُقرّب من الجنة ويُباعد عن النار، بل وتكون المُسبب لرفعة المتواصلين الذين يعلو قدرهم بين الناس فيتصدون للأمراض الاجتماعية ويَقُونَ المجتمع من العوارض السلوكية حتى عُدّت – صلة الأرحام - بُرهاناً دالّاً على صدق الإيمان وأوجب علاماته في وجوه الإنفاق والإعانة، وفي أبواب الدعاء والإرشاد، والمؤازرة في الأفراح والأحزان، والعون في تفريج الكربات والمصائب.

نافلة: 
الإحسان إلى الأقارب في صورة صلة الرحم التي وردت في القرآن الكريم والسنة الشريفة تكون تارة بالمال وتارة بالخدمة في الحقوق الواجبة والمستحبة بحسب الظروف والأحوال والأعراف والأوقات والقدرات الموكولة إلى عرف الناس، ولاسيّما وسائل التواصل الاجتماعي التي تُعدّ (زعماً) في وقتنا الحاضر أعظم وسيلة للتواصل وإصلاح الأحوال بين الناس في الداخل والخارج. فهذا الهاتف و"الواتس أب" و"الفيسبوك" وغيره من الوسائل التكنولوجية، أخذ شكل المجاملات – الفردية أو الجماعية – للتهنئة والمعاودة وتبادل التحايا، على شكل وردة أو عبارة أو صورة أو ما شابه إزاء ما يقع على هذه الصفة التعبدية - صلة الأرحام – التي كثيراً ما نكون بأمسّ الحاجة إليها لإحياء التزاور الحسّي باللقاء والمصافحة والسلام والكلام وتفقّد الأحوال بعيداً عن أقوال انّ التواصل ليس في شكله أو مدته أو كيفيته.

كاتب وأكاديمي بحريني