قَلّما يجتمع في شهر من شهور السنة ما يجتمع في شهر ديسمبر من الأعياد والمناسبات الوطنية العزيزة على أهل البحرين، لذا كنت ولا أزال أسمّيه ديسمبر الأفراح؛ إذْ تتوالى فيه الأعياد الوطنية كما حبات العقد يشدّ بعضها بعضا: فمع مطلع الشهر تنطلق الأفراح بإحياء يوم المرأة البحرينية، ثم تتواصل الاحتفالات غير منقطعة احتفاءً بيوم الشرطة البحرينية، فالعيد الوطني المجيد، فعيد الجلوس الذي يقترن مع عيد شهداء الواجب الوطني.
في غرّةِ ديسمبر، تحتفي البحرين بالمرأة البحرينيّة تقديرا وتكريما لعطائها وإنجازاتها المتواصلة في مسيرة العمل الوطني، وما توليه المملكة بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، من اهتمام بتعزيز إسهامات المرأة وجهودها كشريك أساسي وفاعل في مسيرة التنمية الشاملة، وهو ما أثبتته المرأة البحرينية حيثما تقلّدت المسؤولية في كل القطاعات التنموية، ما جعلها تحظى بالثقة الملكية في أكثر من منصب وزاريّ، فهنيئا للمرأة البحرينية هذه المكانة الجليلة.
أمّا 14 ديسمبر فيعود إلى ذكرى تأسيس الشرطة البحرينية سنة 1918، ذكرى تكوين اللبنة الأولى التي بنيت عليها أسس الشرطة البحرينية وتطوّرها ونموّها منذ أكثر من قرن. فلا يمرّ هذا اليوم في ذاكرة البحرين مرور الكرام؛ إنّه يوم وطنيّ مجيد أيضا باعتبار ما تمثّله الشرطة البحرينية من معاني الوفاء والإخلاص والتضحية والقوة والدفاع عن الوطن، فتحيّة حبّ ووفاء لتلك العيون الساهرة على الأمن والسكينة والاستقرار في البحرين.
وأمّا 16 ديسمبر فهو "واسطة العقد"؛ إذْ تحتفل المملكة في منتصف ديسمبر بالعيد الوطني، وتحيي بكل فخر واعتزاز ذكرى قيام الدولة البحرينية الحديثة في عهد المؤسس أحمد الفاتح، كيانا عربيا إسلاميّا منذ العام 1783م، كما يتزامن هذا التاريخ مع الذكرى السنويّة لانضمام مملكة البحرين إلى الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية. وما يلفت الملاحظ انتشار مظاهر الفرحة الصادقة في كل مكان من البحرين بين المواطنين والمقيمين، بالإضافة إلى مشاركة إخوانهم من دول مجلس التعاون الخليجي احتفالا بهذه المناسبة العزيزة على القلوب. فهنيئا لشعب البحرين بهذه الذكرى الوطنية العزيزة، وهنيئا للبحرين بهذا الشعب العظيم الوفيّ. 
وأمّا 17 ديسمبر، فتاريخ تعتزّ به مملكة البحرين وتفتخر أيّما افتخار؛ فعيد جلوس صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظّم، ذكرى عزيزة على أهل البحرين كلهم، وقد ارتبط هذا التاريخ أيضا بذكرى الذين ضحَّوْا بأرواحهم وأجسادهم دفاعًا عن بلادهم وقيادتهم وشعبهم، فتعمّقت رمزيّة هذا اليوم وصار عنوانا لمحطّتين وطنيّتين مُضيئتين مترابطتين، هما عيد جلوس صاحب الجلالة حفظه الله ورعاه، وعيد شهداء الواجب رحمهم الله.
وهكذا تتواصل الأفراح في البحرين مع باقي أيام شهر ديسمبر حتّى نهايته، معلنة انتهاء عام وولادة عام إداري جديد. إنّه شهر الأعياد، ديسمبر الأفراح والأمجاد، فيه تتجدّد الذكرى مع محطات وطنيّة ومنعرجات تاريخيّة ستظلّ محفورة في الوجدان على مدى الزمان.

كاتب تونسي ومدير تحرير مجلة البحرين الخيرية