بدل أن يبلغ حب الأب لولده الكمال، ويصل إلى أوج قمته، انقلب كل شيء وزادت في الآونة الأخيرة نسبة الاعتداء على الأبناء الصغار بصورة وحشية، وكل يوم تطالعنا وسائل التواصل الاجتماعي عن حالات تعنيف أسري، “أب عراقي يتعاطى المخدرات يعلق صبيا يبلغ من العمر 10 سنوات بسلسلة مثبتة في السقف”، “أب عراقي يقيد ابنته بسلاسل حديدية ويحبسها لمدة شهر”، “طفلة لبنانية عمرها 6 سنوات توفيت نتيجة اغتصاب جدها”، “طفل عراقي عمره 7 سنوات قتل على يد زوجة أبيه جراء تعذيبه بالكدمات والطعنات والصعق الكهربائي”.
إن هذه الهمجية بالغة التطرف تجاه الأطفال تشعرنا بأن الحياة كلها مليئة بالجريمة، والطقوس المستخدمة في عمليات تعذيبهم وقتلهم تنم عن أمراض نفسية وشياطين تنفث الشر والاضطراب في عقول هؤلاء الوحوش بمختلف المسميات، ولا نتصور أن المعالجين السلوكيين قادرون على اكتشاف الاضطراب وتحديد مقداره، لأن هذا موضوع هامشي كونهم أشبه بالحيوانات التي تنساق تلقائيا نحو فريستها، وإلا ما الذي يدفع جدا لاغتصاب حفيدته البالغة من العمر 6 سنوات، وهي جريمة غير اعتيادية ارتكبت بسرور ونشوة، ومن المؤكد أن الدافع كان بسبب الانحراف والصفات الخبيثة المرتبطة بالفرد، وما هو الدافع الذي شجع الأب على تعليق ابنه بسلسة مثبتة في السقف غير العدوان والكراهية والسير والرحيل إلى أماكن بعيدة وغريبة عن المجتمع الإنساني السوي.
إن هذه الجرائم الكثيرة التي ترتكب بحق الأطفال مثيرة للقلق، وعلى المنظمات والجهات ذات العلاقة بالعنف الأسري في تلك الدول الإسراع في سن القوانين، فحسب ما تتداوله الأخبار أن المشروع مازال ينتظر المصادقة في مجلس النواب وسط تجاذبات حادة حوله تشريعيا وسياسيا، وفي دول أخرى فاعلية التدعيم متوقفة منذ مدة طويلة.
* كاتب بحريني