وأنا لا أعلم بأنني من كنت أنظر للمرآة، أم هي التي كانت تناظرني، ولا أعرف من الإجابة بعضًا أو شيئًا، لذلك تهت وسط الحوار، ووصلت مرحلة الخوف من نفسي وعليها في آن واحد، وكما هو في طرح سؤال على المرآة عن حالها وأصولها، فهناك من يستخدم المرآة بشكل يومي دون أن يعرف حتى طريقة صناعتها، وهذا مدهش حقًا وندعو الجميع للبحث والقراءة لإضافة معلومات جديدة في الحصيلة المعرفية، لأنها تستحق الإضافة فعلاً.

أعزائي القراء، بهذا النوع من الحوار الذي لا فائدة منه ولا طائلة تضيع الأمور ونبدو كمن يسير في طريق دون أن يعرف عن نقطة الوصول لا وقتًا ولا مكانًا ولا هدفًا... وكما يحصل في برامج تقدير الذات وبناء الشخصية، حيث لا تخلو من تدريب الوقوف أمام المرآة لتعزيز الذات بتأكيدات إيجابية... في ظاهرها المتعة والفائدة لمن يحتاج تعلمها، لكن عواقبها وخيمة لمن لا يدرك أثر التغذية السلبية منها.

هنا نكون قد اقتربنا من مغزى ما نريد، ومن الحوار مع المرآة ننطلق، فهي الشاهد الباقي على ما أقول باعتبارها أداة أساسية في حياتنا، كما في واقع العلاقات القوية التي نمتلكها تمامًا، لذلك فالشاهد يقول إننا كما نجري العلاقة مع المرآة في النظر إلى انعكاسات ما نريد في الوقت الذي نريد، كما أننا نتحكم في العبارات التي نريد أن نستمع إليها، وهكذا نحن مع البشر، حيث يرتسم هدفنا من الحوارات فيما نريد أن نعرف ونسمع، وكأننا نعيش في واقع مرسوم قبل هذا وذاك، وما يأتي من خلاف ذلك فلا يكون في الحسبان أبدًا ولا ندير له بالًا، ومن هنا - القراء الأفاضل - تظهر لنا المعلومات ناقصة مبتورة، لا علم فيها ولا معرفة ولا منطق يؤسس عليه الأمر ومكوناته، فماذا يحصل لو سألنا عن كل شيء في البداية؟

وماذا يحصل لو استمعنا لكل ما يعزز ذواتنا من الداخل، وليس ما يهز ويطرب آذاننا ويزين أفواهنا، حيث تؤكد الدراسات الحديثة أن طريقة طرح السؤال هي فن بحد ذاته وتتطلب مهارة عالية في الطرح والصياغة، لذلك نحن بحاجة إلى تدريب فعلي على طريقة طرح السؤال على المرآة، وإتقان توظيف جميع المتطلبات التي ترتبط بالتعبيرات اللغوية والجسدية والمواءمة بينها، لذلك أرى أن السؤال أمام المرآة أصعب من سؤال البشر، وفي ذلك عبرة.

كاتبة وأكاديمية بحرينية