العدد 5309
الجمعة 28 أبريل 2023
banner
الإجراء “خارج الاختصاص”
الجمعة 28 أبريل 2023

في بعض الحالات، يتم اعتبار الإجراء الذي تقوم به إدارة الشركة “خارج الاختصاص” (ألترا فيرس)، وإذا تم هذا الاعتبار فإن هذا الإجراء المعني يفقد الصلاحية القانونية لأنه خارج الاختصاص واجب الاتباع. 
وفي هذا الخصوص فإن كل الشركات، وحتى تحصل على الترخيص اللازم لممارسة أعمالها، يجب أن توضح أهداف الشركة وأنشطتها بصورة واضحة. ويتم منح الترخيص لهذه الشركة بموجب هذا، أي الترخيص لها بممارسة الأعمال والأهداف المذكورة في أوامر تأسيس الشركة ونظامها الأساسي. وربما تكون الأهداف غير مقبولة، لأي سبب، للجهات المختصة ويرفض الترخيص.
لذا، ونظرا لأن الترخيص مربوط بتنفيذ الأعمال والأهداف، فإنه يجب على إدارة الشركة الالتزام بتنفيذ تلك الأعمال والأهداف المذكورة التي شملها الترخيص. وتكون إدارة الشركة مسؤولة تماما عن تنفيذ هذه الأعمال والأهداف وفق أفضل الممارسات وباتباع كل السبل الكفيلة بتحقيق أعلى وأفضل النتائج للشركة وملاكها وأصحاب العلاقة بما فيهم المجتمع. 
إن واجب إدارة الشركة الحرص على تحقيق هذا البرنامج المرخص. ولكن، وفي جميع الأحوال، هناك خط فاصل يجب على إدارة الشركة عدم تجاوزه بأي حال من الأحوال. وإذا تم تجاوز هذا الخط الفاصل، ووفقا لنظرية “الإجراء خارج الاختصاص” فإن عمل إدارة الشركة يصبح غير صحيح بل مخالفا للقانون ومرفوضا تماما؛ لأنه يصبح إجراء “خارج الاختصاص”، وهذا “الخروج من الاختصاص” أي تجاوز الصلاحيات لا يجوز قانونا. وإن كان لا بد، وطرأت الحاجة للقيام بأعمال وأهداف جديدة، فعلى إدارة الشركة، وبكل بساطة، إضافة الجديد ليصبح من ضمن أهداف الشركة إذا كان ذلك ممكنا ولا يخالف القانون.
لتحقيق الأهداف، مثلا، يتم الترخيص للبنوك لممارسة الأعمال المصرفية، فهل تتفرغ البنوك لأعمال التجارة والمقاولات؟ قطعا إذا تم هذا فإن الإجراء يعتبر خارج الاختصاص (ألترا فيرس) وغير قانوني ويرتد على من قام به؛ لأنه تجاوز حدوده وتجاوز صلاحياته واختصاصه. وبالطبع، فإن نفس الأمر ينعكس على الشركات الأخرى إذا مارست أعمال البنوك من تسليف ومنح القروض. لأن هذه الشركات تم الترخيص لها لمباشرة مهام ولتنفيذ أعمال وأهداف معينة، ولا يجوز ترك هذه الأعمال والأهداف لممارسة غيرها، حتى لا يختلط “الحابل بالنابل” وتتداخل الأمور، ما يسبب ربكة في قطاع الأعمال والخدمات والتجارة.. وغيرها.
إن الفلسفة من وراء عدم السماح بعمل أي “إجراء خارج الاختصاص” ورفضه قانونا، تهدف في الأساس لحماية المساهمين والمستثمرين وأيضا أصحاب المصلحة، وهم جميعا لديهم أسهم في هذه الشركات أو استثمروا فيها لدورها المحدد، استنادا إلى معرفتهم المسبقة للأعمال والأهداف التي تم منح الترخيص للشركة للالتزام بتنفيذها. والإجراء خارج الاختصاص وتجاوز إدارة الشركة لحدود الأعمال والأهداف المرخصة يسبب مخاطر جمة للمساهمين والمستثمرين وأصحاب العلاقة.. وهذا أمر قانوني وحتمي يجب التقيد التام به طيلة عمر الشركة، وإلا سيحدث ما لا يحمد عقباه على الاقتصاد والتجارة وكل العمل المؤسسي. أيضا، عند منح الترخيص يتم أخذ أمور قانونية عدة في الاعتبار، وعليه فإن السماح بالتجاوز قد يؤدي إلى السماح بتجاوز القانون والالتفاف عليه.
في قضية شهيرة أمام المحاكم الإنجليزية، تم وضع المبادئ القانونية الخاصة بالإجراء “خارج الاختصاص”. ومن وقائع هذه القضية، يجوز للشركة القابضة للقطارات شراء القطارات وعربات وخطوط السكة حديد والمحطات المرتبطة بها.. ولكن إدارة الشركة وبحثا عن الأرباح السريعة دخلت في مجال شراء وبيع الأسهم. هذا الإجراء، وبالرغم مما حققه من أرباح سريعة للشركة، إلا أن المحكمة العليا في إنجلترا اعتبرته إجراء “خارج الاختصاص” أي أن إدارة الشركة قامت بإجراء غير قانوني وعليها تحمل النتائج المترتبة على ذلك الإجراء مهما حسنت النية وصفت الضمائر وزادت الأرباح.. 
الإجراء “خارج الاختصاص” يربطه كثيرون بأعمال الشركات والمؤسسات التجارية ولكنه لا يقف في هذا المكان فقط، بل يتعداه ليشمل الأعمال في جميع المجالات الإدارية والتنظيمية والمالية وغيرها. وهو ينطبق كلما كان هناك تجاوز للحدود والخطوط والصلاحيات والسلطات.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .