العدد 5226
السبت 04 فبراير 2023
banner
فضاءات لغوية رضي السماك
رضي السماك
شعراء أم كلثوم
السبت 04 فبراير 2023

مرت يوم أمس الجمعة الذكرى الثامنة والأربعون على رحيل الفنانة المصرية الكبيرة أم كلثوم، حيث رحلت عن عالمنا في الثالث من فبراير 1975. شخصياً سمعت نبأ رحيلها عندما كُنت في بغداد للمشاركة في مؤتمر طلابي، وانتابتني حينها لحظة أسى؛ لوفاتها المفاجئة من جهة، ولعدم وجودي في القاهرة لمتابعة جنازتها المهيبة من جهة أخرى. وقد قُدّر عدد من سار فيها بثلاثة ملايين مواطن، إلا أن بعضهم قدّرهم بأكثر من أربعة ملايين، وتزامن صدور كتاب الصديق إبراهيم الدوسري "البحرين في زمن أم كلثوم" قبيل هذه الذكرى الأخيرة.
والحال فقد دعاني الصديق الدوسري الذي تمتد جذور معرفتي به منذ زمالتنا في مدرسة الخميس الإعدادية إلى أواخر ستينيات القرن الآفل، لكتابة مقال لينشره في كتابه الجديد، بعدما حقق كتابه السابق "البحرين في زمن جمال عبد الناصر" نجاحاً ساحقاً في البحرين ومصر. ولما كُنت أعددت مقدماً دراسة وافية عن أم كلثوم لإلقائها كمحاضرة في "مركز كانو الثقافي" قبيل اجتياح جائحة كورونا العالم، لكنها تأجلت بطلب من المركز لظرف طارئ، لذلك خطر ببالي إرجاؤها إلى ذكرى مرور نصف قرن على رحيلها والتي تصادف بعد عامين، لذا اعتذرت له عن كتابة مقال لكتابه الجديد دون أن أكشف له السبب. 
وفي الندوة التي دُعي إليها مؤخراً في أسرة الأدباء والكتّاب، والتي دعاني لحضورها أيضاً، لم أتمكن من حضورها لظروف شخصية طارئة، وتقديراً لجهود الصديق الدوسري، فإني أقتطف الجزء التالي من دراستي المذكورة عن أم كلثوم، مع بعض الإضافات:
لربما لم يقُيّض لأي مطرب عربي ما قُيّض لكوكب الشرق من شهرة مصرية وعربية مدوية من المحيط إلى الخليج، حتى ضُرب بها المثل بأنها موحدة الدول العربية بأجمعها على بث سهرة غنائية لها قرب منتصف ليلة الجمعة من كل أسبوع. وما زاد شهرتها تفردها بين فناني جيلها أو زمنها بأن غنت لمشاهير الشعراء العرب.
ومن هؤلاء الذين ذكرهم المؤرخ الموسيقي حنفي المحلاوي في كتابه الرائع "شعراء اُم كلثوم" أبو فراس الحمداني، وإبراهيم ناجي، وأحمد شوقي، وعلي الجارم، وعزيز اباظة، ومرسي جميل عزيز، وعبد المنعم السباعي، وعبد الوهاب محمد، وأحمد شفيق كامل، ومحمود بيرم التونسي، وصلاح جاهين وصالح جودت، وجورج جرداق، ونزار قباني، والشاعر السوداني الشاب الهادي آدم، وغيرهم من الشعراء الآخرين. وللشاعر الأخير قصة مثيرة جذّابة في اختيار اُم كلثوم قصيدة له ألا وهي "أغداً ألقاك"، وهي واحدة من أروع أغانيها بالفصحى، ونأمل أن نقتطفها من الدراسة الآنفة الذكر أيضاً في ذكرى ميلادها نهاية العام الجاري.
والحق فقد كان للست دور مميز لا يضاهيها أحد من كبار نجوم الغناء في عصرها في الترويج لعيون الشعر العربي، قديمه وحديثه، وفي الاستماع للشعر العربي الفصيح غنائيا، ليس بين المثقفين والمتعلمين فقط، بل والعوام من عشاق أغانيها، ومن ثم الارتقاء بذائقتهم الموسيقية باللغة الفصحى. وهي غنت أيضاً لشعراء من مختلف الأقطار العربية، ومنها الكويت حيث غنت لشاعرها أحمد العدواني قصيدة "يا دارنا يا دار" في عام 1960 عشية استقلالها، هذا عدا غنائها لكبار شعراء الفصحى، كما أسلفنا.

كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .