من أكبر التحديات التي تواجه الإنسان في مراحل حياته السقف العالي الذي يرسمه له، والرغبة الدائمة في الكمال وتقديم ما يعتقد أنه لا يضاهى، وهي مشكلة تناولتها الكثير من الكتب والمحاضرات والنصائح التي تحلل هذه الحالة، ودعني أقول لك عزيزي إن أفضل نصيحة لك ولمن تحب أن تبدأ وألا تخاف، فالكمال والمثالية سجن سيمنعك من التدرج والتقدم إلى الأمام، فإذا قدمت ما تعتقد أنه محدود المستوى أو ليس مثاليا أو كاملا، فهو في نهاية الأمر أفضل من عدم المحاولة بحجة الخوف من تقديم ما هو ضعيف.
بعض مقدمي المحتوى القوي في مواقع التواصل - بعد وصول المشتركين في قنواتهم إلى الملايين، وتقديمهم ما هو جميل ومفيد، وحصولهم على عوائد مالية كبيرة بفعل ذلك - عبروا عن فرحتهم لتجاوزهم مرحلة الخوف في بداية المشوار، ثق تماما أنك ستجد حربا من المحبّطين الذين لن يكتفوا بتخطئة عملك وما قدمت بحجة أن فيه قصورا، وأنه يحتاج إلى تحسين وتجويد، بل سيُشعرونك بأنك الإنسان الخطأ، وأنك غير صالح ولن تكون صالحًا أبدًا، وسيشغلونك بسلبيتهم بدلا من الانشغال بالارتقاء بمستوى ما تنتج وتطويره.
إن سعيك المستمر نحو الكمال وتطلبك الدائم له في كل التفاصيل في إنتاجك وتطورك على المستوى الأكاديمي والعملي لربما أدى بك إلى كثير من الأمراض النفسية والاجتماعية، وعليه؛ فمهما وجدت من قصور أو نقص فاعذر نفسك وسامحها، وإياك وتعنيفها، بل شجعها وعدها ببذل المزيد، وأنها ستحقق ما تسعى له من الكمال يوما ما، أديسون الذي اخترع المصباح الكهربائي اتهمه معلموه بأنه تلميذ فاشل، وطرد من المدرسة! فلا تكترث لما سيقال عنك، وتذكر أن ضريبة العمل سهام النقد التي ستوجه لك بلا رحمة، فلا تجعل ما يقال لك يومًا ما معيقا لتقدمك، وتصدّ لكل محاولة لإيقافك، فقط انطلق وتحرر من قيود المثالية والكمال.
* كاتب بحريني