العدد 5129
الأحد 30 أكتوبر 2022
banner
الشباب وبرلمان المستقبل
الأحد 30 أكتوبر 2022


لا أتصور مستقبلا بلا شباب، ولا شبابا من دون تعليم، ولا أملا من غير دماء جديدة، ولا تقدما إلا بعلوم تحاكي الحداثة وتوطن التكنولوجيا وتربي الأجيال الطالعة على التفكير خارج صناديق اللحظة.
لم تفاجئني الأرقام المنشورة بالأمس، ٥٠ ألفا من الشباب يصوتون لأول مرة، ٣١٦ مترشحا للنيابي، و١٧٤ للبلدي، و٩٤ امرأة تنافس على جميع المقاعد البرلمانية والنيابية.
لم تصدمني الأرقام لأن المجتمع تطور، ولأن حاجاته تزايدت، وأعباءه تفاقمت، وتحدياته تراكمت، لم تفاجئني لحظة التعاطي مع شباب مقبل على الحياة ويسعي للمشاركة الوطنية، ولا امرأة تترك كل شيء مؤقتا لتلبي نداء الواجب، ولا رجال محنكين يستقبلون التغيير بقلب وعقل مفتوحين وإيمان مطلق بأن هذا التغيير هو سنة الحياة.    
٥٠ ألف شاب وشابة يستطيعون أن يشاركوا بأمل في أن يفوز أقرانهم بعدد لا بأس به من مقاعد البرلمان المقبل، ٥٠ ألف شاب وشابة يستطيعون أن يدفعوا بروح فياضة في طرح الأفكار وصياغة برامج العمل، وتطويق المرحلة بعقل أكثر تحررا من القيود، وأقل تأثرا بمعرقلات التنمية، وأشد بأسا من حالة الرتابة التي اتهمت بها العملية الديمقراطية في كثير من بلدان العالم التي استسلمت تماما للأجيال المجربة ونسيت في زحمة من هموم المقعد النيابي ووجاهة مسؤولياته وأدواره أن للدماء الجديدة روحا داعمة، وأدوارا ناعمة، وشراسة الأيام المقبلة.   
لم تأخذني المفاجأة السارة بعيدا عن ٥٠ ألفا من القوة التصويتية للشباب إلى العشرات من الشباب المترشحين، وفي جعبتهم حقائب الأمل، وسلاح العلم، وقوة الإيمان بالاستحقاق، إنها حالة جديدة تشجعني أن أطلب من برلماننا الشاب المقبل الكثير، أول الغيث حالة التعليم، التعليم العالي خصوصا، ضرورة أن تواكب برامجه تطبيقات العلوم الحديثة، وأن تختلط الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية بالعلوم الطبيعية، أن يكون الواقع هو الذي يسن القوانين ويبتكر علومه المحدثة، ويساعد على تخريج أجيال أكثر قدرة على التعاطي مع مفاجآت هذا الواقع بأتراحه وأفراحه، بحاجاته وجراحاته العاجلة، بآلامه وآماله المؤجلة، بكل ما يحيط بنا من أشكال جديدة للحياة، وتحديات عتيدة في عالم المال والاقتصاد، وكوارث طبيعية أفرزها تغير المناخ وتعدد مشارب التداعيات واختلاف مصادرها وعواملها المؤثرة على حياتنا ومقدراتنا وإمكاناتنا. مطلوب من المجلس النيابي المقبل دعم التعليم، تشجيع الاستثمارات القديرة فيه، حماية تلك الاستثمارات من المفاجآت والإجراءات الجائرة المعرقلة، توفير المناخ الصحي والتشريعي لها حتى تخرج لنا أجيالا قادرة على التعامل بإيجابية مع مشكلات وقضايا المجتمع، مطلوب من برلمان المستقبل الكثير هذه المرة، وأهم ما نطلبه هو البناء على ما فات إذا كان إيجابيا ومتوافقا مع حاجات الوطن، وامتلاك شجاعة التغيير للقوانين وآليات الرقابة على الأداء لو كانت لا تؤدي إلى النتائج المرجوة، هي قدرة لا يمتلكها سوى الذاهبون إلى البرلمان بإيمان ملؤه الاعتراف بحق المواطن في عيش كريم، وبدور الدولة في وطن سليم، وببرلمان يافع ونواب أشاوس بحق ليس إلا، وكل عام ونوابنا بألف خير.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .