بعد مشاهدتي الفيلم الوثائقي “مصطفى السيد أيقونة العمل والأمل” الذي عرضته مبادرة حكاية المنامة يوم أمس الأول بمجمع السيف، وجدت هناك تقاطعا ينتصب كالعشق في قلوبنا بين قصة كفاح وعصامية والدنا الأديب والصحافي محمد الماجد رحمه الله، وقصة وكفاح الدكتور مصطفى السيد الأمين العام للمؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية “الله يعطيه الصحة والعافية”، فالوالد رحمه الله ترك المدرسة بعد الصف الأول الابتدائي ودخل ميدان العمل ليكسب قوته بيده، فعمل فراشا في “كات كومباني” براتب 10 دنانير شهريا، ثم اشتغل كعامل بناء، ثم في ورشة نجارة، وبعدها سافر إلى الكويت وعمل فراشا بدائرة المعارف، وعاد إلى البحرين والتحق بالكهرباء فراشا أيضا، وبعصاميته تعلم القراءة والكتابة حتى وصل إلى ما وصل إليه من مكانة رفيعة في عالم الأدب والصحافة في البحرين.
الدكتور مصطفى السيد لم يكن أفضل حالا من الوالد، فهو أيضا سحقته طفولة بائسة جعلته يمخر أمواج المجهول، فقد توفي والده وهو لا يزال في سن 13 عاما، ما اضطره إلى ترك الدراسة رغم حبه الشديد للعلم، والتحق بميدان العمل في شركة نفط البحرين “بابكو” كعامل بسيط ليدعم أسرته، فكان يقرأ الكتب ويبحث في مجالات عدة حتى خلال ساعات عمله، تماما مثلما كان يفعل الوالد في مكتبة محمد المهزع، فقد كان يلتهم الكتب التهاما بعد أن كلفه صاحب المكتبة بتنظيم الكتب. إصرار مصطفى السيد على النجاح والتميز جعله يصعد على أجنحة التحدي ويطفئ حرائق المستحيل التي حاصرته في طفولته، وسار على درب عسير ومضى إلى النهاية غير مكترث بالأشواك، ليصل إلى ما وصل إليه اليوم من مكانة ومنزلة نالها بجدارة واستحقاق، مسجلا اسمه بأحرف من نور وضياء كأحد الرجال العظماء في هذا البلد والوجوه النموذجية التي نحتذي بها وذلك لما حققته من أثر عميق لا يضاهيه أثر.